للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة ذلك المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها" (١) .. وقد أجاب الإِمام الشاطبي عن هذه الشبه بعد أن عرضها في كتابه الاعتصام بأجوبة أربعة:

١ - أن قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} المراد منه إكمال الكليات "فلم يبق للدين قاعدة يحتاج إليها في الضروريات والحاجيات أو التكميليات إلّا وقد بُيّنت غاية البيان" (٢).

٢ - إن المسائل والوقائع التي لا نص فيها موجود حكمها في الكتاب والسنة، وذلك لأن قاعدة الاجتهاد ثابتة فيهما فلا بد من إعمالها، وإذا أعملنا هذه القاعدة ربطنا الجزئيات والمسائل التي لا نص فيها بالكليات الشرعية، وهذه الكليات والقواعد يجري عليها ما لا نهاية له من النوازل.

٣ - أن هذه الجزئيات المتجددة نوعان: منها ما هو محتاج إليه ومنها ما هو غير محتاج إليه .. فإن احتاجه الناس كان من مسائل الاجتهاد وهذه مرتبطة بالكليات الشرعية، تشهد لها وتحدد حكمها (٣)، وإن لم يحتاجوه فهو البدع المحدثات، فهذه هي التي لا تجد عليها دليلًا كلياً ولا جزئياً، وبهذا يدخل ما يحتاجه الناس تحت حكم الشريعة وهذا معنى الإِكمال، ولا ينازع أحد من أهل السنة رحمهم الله تعالى فِى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء ببيان ما يحتاجه الناس في أمور دينهم (٤).

٤ - أن هذا المعنى هو الذي فهمه الصحابة - رضوان الله عليهم -، ولذلك ردوا الجزئيات إلى الكليات الشرعية فعرفوا حكمها، ولم يقل أحد منهم لِمَ لمْ ينص الشرع على حكم الجد مع الأخوة؟ مثلًا، بل نظروا في الكليات الشرعية واعتبروا معانيها، هذا في الجزئيات المتجددة التي لا نص فيها، وأما ما ورد بها


(١) الاعتصام ٢/ ٣٠٥.
(٢) الاعتصام: ٢/ ٣٠٥.
(٣) وسيأتي بيان كيفية رجوعها لهذه الكليات الشرعية.
(٤) الاعتصام: ١/ ٤٩.

<<  <   >  >>