للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النص فظاهر أن حكمها ردها إلى هذا النص مباشرة، وهذا هو الكمال الذي أدركه الصحابة على التمام - رضي الله عنهم أجمعين - (١).

وبالجواب عن هذه الشبه يتبين لنا على وجه اليقين معنى الإِكمال المقصود وكذلك معنى البيان والتفصيل الوارد في الآيات السابقة فإن المعنى واحد، وهو: أن هذه الشريعة وضعها الله سبحانه على حالة الكلية والأبدية وإنْ وضِعت الدنيا على الزوال والنهاية، وإن من أراد أن يتعرف على أحكامها يجب عليه أن ينظر إليها بعين الكمال، ويعتبرها اعتباراً كلياً في العبادات والعادات ولا يخرج عنها بتة، لأن الخروج عنها تيه وضلال، وكل من زعم أنه بقي في الدين شيء لم يكمل فقد كذب بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٢) .. فكل ما يحتاجه الناس في أمر الدين ويشمل أمور التشريع كلها في جميع جوانب الحياة بلا استثناء قد بينته هذه الشريعة، وأن الطريق لذلك معلوم عند الصحابة - رضوان الله عليهم - كما هو معلوم عند كل من تبع طريقهم ونهج منهجهم .. وبهذا ندرك معنى الثبات والشمول وكيف بينه القرآن وطبقه رسول الله وأصحابه وكيف ينبغي أن يفهمه المسلمون ويعتقدونه ويطبقه المجتهدون في واقع المجتمع الإِسلامي ... وفي هذه العقيدة كما بينها القرآن وبينها الرسول وصحابته بأفعالهم وأقوالهم قطع لمادة الابتداع وسد لباب الشرك فلا خروج على هذه الشريعة لا بجحود ولا تكذيب لشيء منها، ولا باستكبار وإباء عن بعض أحكامها، ولا بتقديم من بين يديها ومن خلفها ولا بتغيير وتبديل لبعض أحكامها ليس شيء من ذلك كله إذا استقرت هذه العقيدة في القلوب وانجلت الشبه عنها (٣).


(١) الاعتصام ٢/ ٣٠٧.
(٢) المصدر السابق بتصرف انظر ٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦ - ٣١٠.
(٣) انظر التمهيد وفيه بيان أن الأمر لله وحده لا يشاركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأن حق النسخ والتبديل مثل حق التشريع .. وأن على الخلق الإِنقياد والإِذعان لما جاءت به هذه الشريعة.

<<  <   >  >>