للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا النص يؤكد الذي قبله من أن مذهب أهل السنة أن الشريعة كتابًا وسنة تفيد العلم ولذلك بنوا أصولهم في الاعتقاد عليها متبعين في ذلك خبر الكتاب وخبر الرسول.

الثالث: ما قال الإِمام ابن تيمية - جوابًا عن سؤال وجه إليه عن أخبار الآحاد (١) - قال:

"وما زال العلماء من الصحابة والتابعين والفقهاء بعدهم - رضي الله عنهم - أجمعين في خطابهم وكتابهم يحتجون بها في موارد الخلاف وغيره، بل إذا كان في الحديث وعيد كان ذلك أبلغ في اقتضاء التحريم على ما تعرفه القلوب وقد تقدم التنبيه على رجحان قول من يعمل بها في الحكم واعتقاد الوعيد، وأنه قول الجمهور وعلى هذا فلا يقبل سؤال يخالف الجماعة" (٢).

ويقصد بالجماعة جماعة الصحابة والتابعين، وتبعهم على ذلك جمهور العلماء، ومثله قول تلميذه الإِمام ابن القيم وقد نقلته عنه سابقًا، فها هنا إذن مرحلتان: الأولى ذكر اتفاق جماعة الصحابة والتابعين وهي القاعدة التي نبني عليها وقد توطدت أركانها بهذه النقول (٣)، والمرحلة الثانية: اتباع جمهور العلماء لهم. ومن خلال مجموعة هذه النقول عن الأئمة الثقات العارفين بأصول العلم وفروعه المتثبتين في نقل الأخبار الغيورين على عقيدة الإِسلام، وبعد ذكر الأدلة من القرآن الكريم والسنة وعرض التطبيقات التي تدل على عقيدة الصحابة أستطيع أن أقول أن الشريعة الإِسلامية - وهي عبارة عن نصوص


(١) مجموع الفتاوى الكبرى ٢٠/ ٢٨٦.
(٢) مجموع الفتاوى الكبرى ٢٠/ ٢٨٦.
(٣) انظر ما سبق ص ١٥٨ حيث نقل ابن القيم الإِجماع عن الصحابة والتابعين وسنؤكد ذلك عند الحديث عن نشأة القول بالظنية، وأنها صنيعة أهل الأهواء، وخلافهم كما هو معلوم غير معتبر، وقد خدعوا بشبههم بعض أهل السنة فجعلوهم يرددون مقالتهم، ولكن الجمهور كما نقلنا عن ابن تيمية آنفًا متبع لمذهب الصحابة والتابعين، وسنذكر أهم الشبه التي أدت إلى الانخداع بمقالة أهل الأهواء ونجيب عنها إن شاء الله.

<<  <   >  >>