للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليها، مثاله في السنة: ما رواه المقداد بن الأسود أنه قال: "يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يارسول الله بعد أن قالها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله .. " الحديث، وفيه دلالة على جواز السؤال بلفظ "أرأيت" عن المسائل التي يمكن أن تقع (١).

وأما الرابع: فهو المكروه أو المحرم وهو الاشتغال بالمسائل الفرضية التي لا يمكن أن ينبني عليها عمل أو لم تجر العادة بوقوعها (٢).

والإجماع المنعقد على وجوب الاجتهاد ومنه وجوب العمل بالقياس وهو نوع منه يتضمن الرد على من يقول بقفل باب الاجتهاد أو يدعو إليه، ذلك أن الإِجماع المنعقد لم يقصر الوجوب على عصر دون عصر بل الوجوب على الأمة وهي لا تنقطع في أي عصر إلى سقوط التكليف وذلك بفناء الدنيا، والإِجماع على وجوبه منقول عن الصحابة فهو إجماع متقدم ولا عبرة بمخالفة من خالف بعد ذلك، والمخالف لفرضية الاجتهاد لم يخالف في جميع أنواعه، بل إن العلماء من الأصوليين -وسيأتي بيانه- نصوا على أن تحقيق المناط وهو نوع من الاجتهاد لم يقل أحد بانقطاعه.

وأما مخالفتهم في الأنواع الأخرى فهم محجوجون بإجماع الصحابة وأن خلافهم ليس معتبراً، مع مصادمتهم للبدهيات ذلك أن النص إمّا أن يُعْلم بدون اجتهاد وذلك مستحيل، وإما أن يُعلم باجتهاد وهو المطلوب فالاجتهاد إذاً ضرورة بهذا المعنى، كما أنه الطريق إلى معرفة عجائب القرآن التي


(١) انظر صحيح مسلم بشرح النووي باب تحريم قتل الكافر بعد قوله لا إله إلا الله ٢/ ٩٨ وفي الحديث جواب عن قول من منع السؤال عن المسائل الفرضية واشترط وقوعها أولًا ثم الجواب عنها. انظر جامع بيان العلم ٢/ ١٣٩ ولعل النهي إنما هو مخصوص بما لا يمكن أن يترتب عليه عمل ولا تقتضيه حاجة.
(٢) أعلام الموقعين ١/ ٦٩، جامع بيان العلم ١٣٩.

<<  <   >  >>