للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تنقضي ... ولم يدرك المجتهدون في العصور المتقدمة كل عجائبه .. ومن ثم كان الاجتهاد ضرورة لفهم النص وتطبيقه ولا يسد مسده شيء آخر في فهم أحكام هذه الشريعة.

حكمة الاجتهاد وأثرها على الثبات والشمول:

أشار الإِمام الشافعي إلى حكمة الاجتهاد فبين أنها هي الابتلاء، وذلك أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن على هذا النحو وكذلك السنة لكي يبتلي عباده فينظر أيجتهدون في طلب الحق مبتعدين عن تأثير الشبهات والشهوات أم يقصّرون في طلبه (١).

ومن الحكمة أيضاً ما أشار إليه الدكتور الأفغاني في كتابه "الاجتهاد": وذلك بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وبالنسبة لأصحابه.

أما وقوعه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فذلك تعليم للأمة من بعده، وأما حكمة شرعية الاجتهاد بالنسبة للصحابة في عصره فذلك لتدريبهم وتعليمهم كيفية الاجتهاد وحتى يكونوا مستعدين لحمل الأمانة الكبرى بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي الحكم بما أنزل الله، وإدخال الحوادث الجديدة تحت أحكام هذه الشريعة حتى يُعْلم حكم الشرع في كل ما ينزل بالمسلمين وتدريب من بعدهم على ذلك، ولولا الاجتهاد لزاد عدد الحوادث التي يتصرف فيها المسلمون بآرائهم المحضة أو بقوانين وأعراف غير دينية، وذلك مع طول الأمد سبب من أكبر الأسباب في الانحراف عن شريعة الإِسلام (٢).

وأجمل هنا بعض الحِكَمِ التي تظهر لي من فرضية الاجتهاد وكونه من الأحكام المجمع عليها في العصر الأول، وهي:

١ - أن هذا الدين أنزله الله على عباده مفرقاً ولم ينزله جملة واحدة قال تعالى:


(١) الرسالة: مسألة رقم ٥٩.
(٢) الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر ٣٠٩ - ٣١٠.

<<  <   >  >>