للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجاهلي .. وذلك يتحقق بأن يقوم المجتهدون بالنظر في جهد الأعداء المادي والمعنوي فينظرون في مجموعة ويفرقون بين الحق فيه والباطل، والنافع والضار ثم يختارون -ومنهجهم الرباني هو الحكم وعزتهم وقوتهم تجعلهم يحكّمون هذا المنهج ويختارون وهم في توازن كامل، فلا يقعون في متابعة أعدائهم ولا يرفضون كل شيء .. بل يختارون وهم لا يزالون يمثلون الرسالة الربانية والقوامة على البشرية، ولا يضرهم ولا ينقصهم في شيء أن يأخذوا ويختاروا ما ينفعهم .. ولا يضرهم ولا ينقصهم أن يرفضوا ما لا ينفعهم .. ولا يمكن أن نفرق بين الضار والنافع وما يوافق المنهج الرباني وما يخالفه إلا عن طريق "الإجتهاد".

٣ - أثر الاجتهاد في هداية الأمم الأخرى -وذلك قبل الجهاد- إن موقف المسلمين هذا لا شك سيكون له أكبر الأثر في أعدائهم فأول ما يعلمه الأعداء أنهم أمام أمة لا يمكن أن تُسْتغفل وتُمتطى وهذا له تأثير نفسي عميق يجعل الأعداء في موقف التأثر والإِعجاب والانبهار أمام هذه الأمة القوية التي تحسن أن تختار لنفسها حسب ما يرتضيه منهجها الرباني، والأثر الذي يتبعه مباشرة أن يعرف الأعداء -بعد انكسارهم النفسي- أن في الأرض منهجًا متوازنًا يفرق بين الحق والباطل والنافع والضار ولا يهدر طاقات العقل البشري النافعة .. ويحول في الوقت نفسه بين انحرافات البشرية وبين الفطرة الإنسانية ليقوم العدل في الأرض .. وهذا المنهج هو "الإِسلام" وهذه دعوة عملية لها من الإيجابية وحسن التأثير شيء عظيم.

هذا هو بعض آثار الاجتهاد في داخل الأمة وفي علاقاتها مع أعدائها وهو دليل قاطع على ضرورته وفرضيته وأنه لا تصلح هذه الأمة إلا به ولا تهتدي البشرية إلا به، وإن لم يتحقق فإن تلك الأثار الإيجابية تنقلب لتكون آثارًا سلبية والضد بالضد.

ولنتصور نقيض تلك الآثار وضدها .. لكي ندرك الخسارة التي وقعت

<<  <   >  >>