للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أشار الدكتور الأفغاني إلى اشتراط العلم بالشعر لأنه طريق إلى معرفة ألفاظ اللغة ودلالتها (١)، وهو كذلك.

هذا مما يحسن الإِشارة إليه بالنسبة لاشتراط العلم بالشعر دون العلم بالعروض والقافية.

أما علم الغريب: فهو قسمان كما ذكر الأستاذ محمد عبد الله دراز -تعليقًا على الموافقات:

القسم الأول: ما يخل بالفصاحة، فلا ضرورة للعلم به لأنه غير موجود في الشريعة، لأن نص الشرع معجز، والفصاحة من الإعجاز، وإذا لم يكن موجودًا في الشريعة فلا ضرورة للعلم به.

والقسم الثاني: وهو الغريب الذي لا يخل بالفصاحة وهو موجود في القرآن والسنة (٢) فلابد من العلم به (٣).

وهذا تعليق حسن منه -رَحِمَهُ اللهُ- إذ كيف لا يحتاج المجتهد لمعرفة الغريب وقد وجد منه -ما لا يخل بالفصاحة- في القرآن والسنة.

وبعد أن عرفنا القدر المطلوب ننتقل إلى مسألة أخرى وهي: بيان المقصود بالعلم بهذا القدر، هل هو جمعه والإِحاطة به، أم التمكن من معرفته والقدرة على العلم بمقاصده وهو ما يقصده الشاطبي بقوله: "فالحاصل أنه لا غنى للمجتهد في الشريعة عن بلوغ درجة الاجتهاد في كلام العرب بحيث يصير فهم خطابها له وصفًا غير متكلف ولا متوقف فيه في الغالب إلّا بمقدار توقف الفطن لكلام اللبيب" (٤).


(١) الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر ١٦٨.
(٢) وقد ألف العلماء فيه كتبًا منها كتاب غريب القرآن لإبن قتيبة وغريب الحديث لإِبراهيم الحربي.
(٣) الموافقات هامش ١/ ج ٤/ ١١٥، إرشاد الفحول ٢٥١.
(٤) الموافقات ٤/ ٧٣.

<<  <   >  >>