للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التطبيقات - خطورة هذا المسلك وآثاره السيئة في هذا العصر على إبعاد الشريعة الإِسلامية عن التطبيق وإقامة الحياة المعاصرة على أحكام القوانين الوضعية.

ونختار هنا إحدى الفتاوى في مجال النظام الاقتصادي، فقد أفتى الشيخ محمد عبده بمشروعية ما سُمي "بصناديق التوفير"، واعتمد هو ومن تابعه على هذه الفتوى على أن الربا المحرم هو ما كان أضعافاً مضاعفة، وتعلقوا بقوله تعالى:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١).

فالمحرم عندهم هو ما كان أضعافاً مضاعفة، أما الفائدة المحددة بعشرة في المئة أو بأقل فليست من الربا المحرم (٢).

وقد أصبحت هذه الفتوى قاعدة للاتجاه العصراني وبسببها استحوذت النظرة الغربية على مفهوم الاقتصاد الإِسلامي، وعليها وعلى أمثالها من الشبه انتشر النظام الربوي.

وبتمجيد النظر العقلي، وتقديم حكم العقل على حكم الشرع، والمحاولات المستمرة لمقاربة أحكام الشريعة الإِسلامية للأحكام الغربية طلباً للتوفيق بينها، والتماساً للشبه لكي يتم هذا التقارب .. تحقق لأرباب القوانين الوضعية ما أرادوا حيث جعلوها حاكمة على الشريعة وحاولوا جاهدين تطويع الشريعة لقبولها تحت اسم المصلحة واتباع حكم العقل.

وفي الحق أن التزام منهج النظر الإِسلامي الصحيح مانع قوي من تسرب آثار الفكر الغربي إلى أحكام الشريعة الإِسلامية .. كما أنه مانع قوي من وقوع أمثال هذه الفتوى، فالربا محرم بنصوص الكتاب والسنة وهذه مسلمة بديهية


(١) سورة آل عمران: آية ١٣٠.
(٢) تفسير القرآن الحكيم الشهير بالمنار ٤/ ١٢٣ - ١٢٤ - تأليف محمد رشيد رضا دار المعرفة بيروت، الطبعة الثانية، وقد تضمن هذا الكتاب أكثر آراء محمد عبده.

<<  <   >  >>