للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من جهة وبما جاء من عند الله في حالة التعارض. فيقول: "ولا يخدعنا قول الشيخ محمد عبده فليطرق عن التأويل ويقول آمنا به كل من عند ربنا فإن ذلك إيمان بألفاظ جوفاء لا معنى لها، ما دام قد آمن من طريق آرائه بآراء تعارض هذه الألفاظ معارضة تامة" (١).

وعلى أمثال هذه الشبه اعتمد مذهب العقلانيين في العصر الحديث، اتباعاً لمسالك الفرق المنحرفة، وانتشرت المذاهب المخالفة لشريعة الإِسلام (٢).

ولا يقال ما وجه الربط بين العقيدة والشريعة في هذا الجانب لأنا نقول: إن العقل إذا اتُّخذَ طريقاً لمخالفة العقيدة بالتأويل فإن الأمر سهل على أصحابه أنْ يتخذوه طريقاً لمخالفة الشريعة بالتأويل، وهؤلاء لا يحتاجون أكثر من أن يقول أن هذا الأمر مصلحة فيتبعونه ويدخلون تحت أذيال التأويل باتباع المتشابهة ويردون ما توجبه النصوص وما تقرر في الإِجماع، والنتيجة واحدة وهي تقديم آرائهم على أحكام الشريعة، كما قدموها على ما جاءت به العقيدة، بل الأمر أخطر من ذلك كما يصوره فضيلة الدكتور سليمان دنيا حيث يقول: "ثم إن لمنهج الشيخ محمد عبده جانباً آخر، له خطورته أيضاً، ذلك أنه طريق تفريق للأمة لا طريق تجميع، ذلك أنه إذا اعتمد كل إنسان على نفسه وعقله فقط فقلما ينتهي واحد إلى مثل ما ينتهي إليه الآخر، وهؤلاء هم الفلاسفة، لأن كل واحد منهم يعول على نفسه وعقله فقط، نجدهم في الغالب متفرقين قلما يلتقون على شيء واحد من كل الوجوه" (٣).

وسأذكر بعض التطبيقات التي اعتمدت على نتائج العقل البشري والتي يزعم أصحابها أنهم يريدون تحقيق المصلحة. وسيظهر لنا - بعد دراسة هذه


(١) المصدر السابق: ٦٠.
(٢) انظر المقصود بالعقلانية ص ١٨٨ ومثل هذا المذهب المستشرقون ومن تأثر بهم وانظر كتاب موقف المستشرقين ومن تابعهم من الثبات والشمول.
(٣) الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والمتكلمين المقدمة ٦٤، وانظر فصل العقلانية من كتاب مذاهب فكرية معاصرة ٥٠٠.

<<  <   >  >>