للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحد وهذا هو الطغيان ذلك أن الواضع لا حق له في ذلك، بل الحق الذي عليه هو أن يخضع لما جاء من عند الله.

٢ - السلطة الحاكمة بذلك القانون: وتسمى بالاسم نفسه للسبب نفسه وتكون تارة شخصًا واحدًا كالكاهن، أو مجموعة معينة كزعماء القبيلة أو الحزب.

٣ - الأمة أو الفرد الذي يخضع لهذه السلطة ويبتغي التحاكم إليها عن رضى وطواعية، كما ورد في شأن الرجل الذي نزلت الآية فيه، فهذه الأصول الثلاثة: وهي الجهة التي تضع القوانين والجهة التي تحكم به (١)، والجهة التي تذعن له هي عبارة عن أصول الحكم الجاهلي فها هنا قانون وسلطة وأفراد، وهذه الصورة هي الصورة التي جاء الإِسلام ليرفعها ويحل محلها الصورة الإِسلامية. فبدل أن يعتقد الناس أن واضع القانون هو عقل الفرد أو الأمة أو القبيلة أو الحزب، يجب أن يعتقدوا أن ذلك حق الله سبحانه قد تكفل به، فأنزل "الشريعة" ليخضع الناس لها جميعًا، وبدل أن يعتقدوا أن السلطة التي تقوم على القوانين الأرضية سلطة شرعية يجب عليهم الخضوع لها، أعلمهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك من الشرك (٢)، ونهاهم عنه وأمرهم بإنكاره قدر استطاعتهم.

وأبدلهم بذلك وجوب الخضوع لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، المتمثل في اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته، واتباع الشريعة بعد مماته والطاعة لأولي الأمر القائمين بها.


(١) قد تكون هذه الجهة "فردًا" ويمكن ذلك في حالات معينة، ولكنه لا يقدر على الالزام لأنه لا سلطة لديه .. فيتقدم له المتحاكم إليه عن رضى وطواعية دون أن يحتاج إلى سلطة تلزمه بالقوة ولذلك كان هذا الصنف يؤدي هذه المهمة بهذا الاعتبار، فالالتزام بالحكم أحيانًا يحتاج إلى سلطة ملزمة وتارة لا يحتاج إلى سلطة ملزمة كما في الصورة السابقة.
(٢) انظر التمهيد.

<<  <   >  >>