الصادقون على الجهاد بقدر طاقتهم ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وحينئذ يتحقق وعد الله ونصره بتوفيقه سبحانه وتعود هذه الأمة إلى ما كانت عليه وتحمل رسالتها كما يريد الله لها.
وينبغي أن لا يتضجر الباحثون من كشف الباطل وتميز الحق ولا يملوا ولا يضعفوا لأنهم في واقع الأمر منقسمون إلى ناصر للحق ومدافع عنه، وآخر هو عرضة للنقد -الذي يكون في بعض الأحيان شديدًا لأنه يكشف عن انحرافات خطيرة. نعم لا يتضجر مخلط كتب بقلمه وصاح بعقيرته ثم يقول لم يُقال عني كذا أو كذا ولم ينتقدني فلان أو فلان، لأنا نقول أن من يريد أن لا يصيبه شيء من ذلك فليكف قلمه ولسانه عن الكلام في الدين لأن هذا الدين ليس ملكه، وأولياؤه الصادقون لا بد كاشفون كل فساد بمشيئة الله وعونه، فمن تكلم بغير علم فليتحمل نتيجة عمله وقوله، ونحن لا نريد ممن يتكلم عن الدين أكثر من الرجوع إلى مواطن الإِجماع والوقوف عند المحكم والبعد عن المتشابه والحيطة في الاستدلال والسلامة من الشذوذ وعدم مخالفة ما علم من الدين عقيدة وشريعة، وأن يميز نفسه عن آثار الفرق الضالة قديمًا والغزو الفكري الذي تمثله المذاهب المعاصرة حديثًا، وهذه النصيحة نقدمها للباحثين ونلتزم بها -وخاصة بعد أن تبين لكل بصير ما تؤدي إليه مخالفة هذا الطريق من مخاطر على الكاتب ومن يكتب لهم، وينبغي لكل صادق مع نفسه أن يدعو إليها، لأن ذلك هو الطريق الأعظم للمحافظة على هذه الأمة وإصلاح أمرها وتصحيح العلم الذي يُقدّم إليها، والانتصار للحق المتمثل في الكتاب والسنة والذي حققه في عالم الواقع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم -، ويكفينا ويكفي كل باحث عن الحق ومنتصر له أن يتابعهم ويقتفي آثارهم في التعلم والتعليم والاستنباط والاستدلال، والحذر من ترك الاتباع والوقوع في الابتداع، وهو الطريق الأعظم لجمع شتات هذه الأمة، يقول الدكتور سليمان دنيا مبينًا ذلك: وقد كان هدف الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قوله في وصف الفرقة الناجية:"الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي" "أن يجمع شمل هذه الأمة في مستقبلها كما اجتمعت في ماضيها فيكون لها كيان ديني موحد يكون شعارها وعنوانها