للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا هو الإِعجاز الذي يقابله إعجاز تشريعي حيث أنزل الله شريعته لا تضاد فيها ولا تناقض ولا اضطراب بل هي قول محكم.

وملامح هذه المشاكلة تظهر في مثل قوله تعالى: عن بيان امتناع هذا الكون عن الفساد والاضطراب:

{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (١).

نعم لو كان في السماء والأرض آلهة إلّا الله لاقتضى ذلك أن تتعدد الإرادات في تدبير هذا الكون فهذا يسير القمر إلى جهة وآخر يأمره بضدها وهذا يريد الشمس جارية وذاك يريدها ساكنة، وحينئذ يقع الفساد، فلا يمكن أن تتعدد الألهة -وكل إله يستحق الألوهية- كلا لو كان كذلك لفسدت السموات والأرض.

وشريعة الله التي هي كلامه المعجز ووحيه إلى نبيه لا يمكن أن تتعارض ولذلك قال تعالى:

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٢).

نعم لو كان القرآن من عند غير الله لوجدنا فيه ذلك الاختلاف، فلما لم نجد قطعنا حينئذ أنه من عند الله، مثل سلامة الكون من الفساد دلنا ذلك على أنه من خلق الله، وهذا وذاك هو سند الثبات في هذا الكون وفي هذه الشريعة إلى أن تقوم الساعة فيقدر الله حينئذ ما يشاء، والثبات هو من أهم معالم الإِعجاز التشريعي والإِعجاز الكوني.

٣ - من مظاهر الإِعجاز في الكون أنك تجده متجددًا معطاء بفضل من الله، والإنسان يستثمر ذلك العطاء، وكلما اتجه الإنسان إلى الاستثمار الصحيح


(١) سورة الأنبياء: آية ٢٢.
(٢) سورة النساء: آية ٨٢.

<<  <   >  >>