١ - أنهما قد حررا موضع النزاع بين المثبتين للقياس والمنكرين له.
٢ - اشتركا في نقل إجماع السلف من الصحابة والتابعين على إعمال القياس والرأي المبنيين على أصل شرعي، وذم ما سوى ذلك من الرأي والقياس المبنيين على غير أصل شرعي، مع بيانهما للفرق بين الرأي المحمود والرأي المذموم.
= وقد نقل ابن القيم مذهبهم وما تأولوه من الأدلة فيما يقارب مائة صحيفة أعلام الموقعين ١/ ٢٢٧/ ٣٣٠، فإذا ضممت مع هذا تحليل الشاطبي لمذهبهم. انظر ما سبق ص ٣٨١ علمت أنهم متأولون غير مباهتين ولا معاندين، وحينئذ لا وجه لا قاله الجويني اللهم إلّا أن يوصف به النظام ومن شاكله، وقد ناقشه الإِمام الجويني ولم يناقش الظاهرية، والذي اخترته السعي في إزالة شبهتهم إذ هم متأولون ونحتاج إلى إزالة الشبه نعليماً، والإِجماع منعقد لا يؤثر عليه خلاف من خالفه، أما النظام فلا يناقش إلّا لإِظهار زندقته وكفره، لأنه منكر للإِجماع مستهتر بالصحابة طاعن فيهم معروف بذلك، وقد أحسن الجويني في كشف كفره وزندقته فقال: "والإِجماع - الذي هو الحجة في إثبات القياس - قد نفاه النظام، وزعم أن أصحاب رسول الله دعوا الناس إلى اتباع الإِجماع، وراموا أن يتخذوا رؤساء، فقرروا الإِجماع، وأسندوا إليه ما يرون، وأخذوا يحكمون مسترسلين فيما لا نهاية له" ٢/ ٧٦٢ ثم قال عنه: "وما ذكره النظام كفر وزندقة، ومحاولة استئصال قاعدة الشرع لأنه إذا نسب حامليها إلى ما هذى به فبمن يوثق؟ وإلى قول من يرجع؛ وقد رد القياس وطرد مساق رده إلى الوقيعة في أعيان الأمة ومصابيح الشريعة، فإذا لا نقل ولا استنباط، ولا تحصل الثقة على ما قاله بآي القرآن .. " ٢/ ٧٦٣ والنظام - وهذا شأنه - ليس متأولاً بل مقتحم حمى الكفر والزندقة بعقيدته في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وانظر مخازيه فيما سبق ص ١٨٢، ووجود التأويل المعتبر وعدمه سبب ظاهر في عدم جواز جعل المنكرين للقياس تحت حكم واحد، ومن المفيد أن نذكّر هنا بما نردده مراراً من أن الإِنصات إلى علماء البدعة وعدم الحذر من آثار علم الكلام سبب في التأثر بهم كما فعل داود الظاهري حيث أنكر القياس، ولو أن حذر من هذه المقالة لمخالفتها طريقة السلف في الاستدلال، ولأنها مسلك من مسالك أهل الأهواء لسلم بمشيئة الله من الوقوع فيها. وفي هذا تذكرة لمن أراد أن يتذكر ليحذر من آثار الفرق الضالة ويتحصن بالأمر الأول الذي كان عليه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.