للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الإِجماع الذي نقله العلماء على رد المصلحة المخالفة للنص، يدل دلالة قاطعة على أن العمل بالمصلحة الشرعية ليس له أثر سلبي على ثبات حكم الشرع لأنها إما مقبولة عنده - وهو لا يقبل إلا ما وافق مقصودة ومقصوده يعلم بالنص والِإجماع - وإما مردوده وهي المخالفة له ولا عبرة بها البتة.

وهذا المعنى الذي انعقد عليه الإِجماع بدهي من بدهيات الإِسلام لأن الله سبحانه وتعالى هو الشارع ولم يترك لأحد من خلقه هذا الحق لأنه سبحانه وهو الرحيم بهم يعلم ابتداء أن عقولهم -التي خلقها لهم- لا تطيقه وأنهم إن حكّموا العقل فستغلب عليه الأهواء والمصالح وتنقلب البشرية إلى أحزاب متناحرة .. تتبع ما فيه هلاكها .. من المذاهب والشرائع - وتعرض عما فيه نجاتها من الاستسلام لله وحده والخضوع لحكمه وإشاعة الأخوة الإِيمانية في الأرض والعدل الرباني، ولذلك سقط أكثر الناس في الأهواء لأن المسافة بين العقل والهوى قريبة جداً.

فأما الذين رفضوا الإِسلام واستسلموا لحكم العقل مطلقاً فما زال يفرقهم ولا يجمعهم وينقلهم من مبدأ إلى آخر ومن نظام إلى نظام لا يُثَبتهم على مبدأ ولا يحفظ بنظامه عقلاً ولا روحاً ولا عرضاً ولا خلقاً، ومن بقي معه شيء من القيم ما زال يطاردها ليحل محلها "العلمانية" أي اللادينية وهكذا صنع بهم وهم به مؤمنون لأن هذا العقل لا يخضع لحكم الله سبحانه .. (١).


(١) ولقد زعمت طوائف كثيرة من البشر بأن العقل - الذي لا يخضع لحكم الشرع - يمكن أن يعرفها بمصالحها فماذا صنعت؟:
(أ) كان أهل الفترة يرون أن المصلحة في وأد البنات.
(ب) كان أهل الفترة يرون حرمان الإِناث من الِإرث ومثل جاهلية أهل الفترة القانون الانجليزي فقد ظل على ذلك قرابة عشرة قرون.
(ج) وكانت الجاهلية الأولى ترى أن شرب الخمر ولعب الميسر وزواج الأخدان لا مفسدة فيه وتنكر على من ينكره، وكذلك يصنع القانون الأمريكي فللموصي أن يوصي بكامل ثروته لخليلته - فإنهم يتخذون الأخدان - ويرى أن المصلحة في إعطاء الخليل وخليلته الحرية لأن ذلك لا مفسدة فيه!!! =

<<  <   >  >>