والبشرية في الحالين - سواء في حالة قبول العقيدة أو حالة الإِذعان للشريعة خاضعة للأحكام، طوعًا أو كرهًا، وحينئذ تعيش البشرية تحت عدل هذه الشريعة وتكون لحياتها خصائص محددة وطبائع متشابهة، وتغطي الشريعة جميع وقائع هذه الحياة كما يوجبه العدل الرباني، فلا البشرية تعيش حياة الغابة .. في حالة تمردها على المنهج الرباني، ولا هي تكون صاحبة السلطان بمبادئها وأحكامها المنحرفة، فتتحكم في المنهج الرباني، كا هو الحال في حاضر الأمم الكافرة، وتريد منه أن يضع لها أحكاماً تناسب شهواتها وحياتها المنحرفة، ويكون الاجتهاد حينئذ -كما سبق وأن قلنا - أداة لتلبية رغبات البشرية وشهواتها مع أنه في الحقيقة أداة لإقامة العدل الرباني في الأرض ورفع البشرية من الحضيض حتى تعيش هذا العدل وتسعد به، ولذلك فإن تصور حاكمية هذه الشريعة وثباتها وشمولها لا يمكن تطبيقه في واقع الأمر إلّا أن تكون البشرية في إحدى الحالتين السابقتين، أما ما سوى ذلك فإن البشرية تعيش حياة الغابة وتريد أن تنزل بالشريعة لتقرر لها شهواتها وانحرافها وما لذلك أنزلت هذه الشريعة. (٢) سورة الأعراف: آية ١٧٩.