للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلت أن يقطع أيديهم ثم أرسل وراءه من يأتيه بهم فجاء بهم لعبد الرحمن: "أما لولا أني أظنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى لو وجدوا ما الله لأكلوه لقطعتهم، ولكن والله إذْ تركتهم لأغرمنك غرامة توجعك" (١).

قال صاحب كتاب "تعليل الأحكام": "فانظر إليه وقد ثبت على هؤلاء ما يوجب القطع، وبعد الأمر ينهى عن التنفيذ لما ظهر له ما يدفع الحد عنهم, وهو أنهم جاعوا فأخذوا مال الغير، وذلك لفهمه أن القطع عقاب للجاني من غير حاجة ولو كانت الأحكام كلها ومنها الحدود يتبع فيها النص المجرد لما ساغ له - رضي الله عنه - وهو من أعلم خلق الله بشرع الله أن يخالف قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ومن أجل هذا المعنى نهى عن القطع عام المجاعة مع أن النص عام شامل لجميع الأوقات" (٢).

المناقشة: اشترط الشارع لوجوب القطع شروطاً وهي:

١ - أن يكون المسروق نصاباً.

٢ - أن يكون من حرز.

٣ - أن لايكون فيه شبهة ملك.

٤ - أن لا يكون آخذه محتاجاً إليه لسد رمقه.

فإذا تحققت هذه الشروط وجب الحد، وإذا تخلف أحدها لم يجب (٣).

وعلى كل شرط من هذه الشروط دليل شرعي، فأما شرط النصاب والحرز فظاهر وأما شرط انعدام شبهة الملك والحاجة إليه لسد رمقه فلأن من أخذ مالًا له فيه شبهة ملك لا يعتبر سارقاً لمال غيره، وكذلك من أخذ ما يحتاج إليه لسد رمقه إنما أخذ مالًا له فيه حق، كما سرق غلمان حاطب بن أبي بلتعة وقد كان عمر يظن أنه يجيعهم فلذلك امتنع عمر عن قطعهم لوجود هذه الشبهة (٤).


(١) وهو من معنى الأثر السابق - انظر المصدر السابق ٢/ ٢٢٠.
(٢) تعليل الأحكام ٦٢ - ٦٣.
(٣) راجع المسألة في كتاب المغني ٩/ ١٠٣ إلى ١٣٧.
(٤) المغني ٩/ ١٣٦.

<<  <   >  >>