للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنظر فيها، ومن فعل ذلك فقد وافق القرآن والسنة كما فعل عمر - رضي الله عنه - (١).

وأما عبارة المؤلف بأن الحدود لا يُتبع فيها النص المجرد وأن عمر خالف الآية فلا وجه لها. والله أعلم.

الثاني: أن الحكم - وهو وجوب القطع لمن سرق نصاباً من حرز مثله بلا شبهة ثابت إلى يوم القيامة، وأما تحقيق مناطه وهو تطبيقه، فبحسب الحادثة الواقعة فإذا سرق غلمان ناقة بلا شبهة كاضطرار لسد الرمق قطعوا، وإذا سرقوا كما سرق غلمان حاطب لم يقطعوا لتحقق الشبهة، والحكم ثابت مع ذلك لا يتغير.

٥ - استدل على قوله بأن من الأحكام ما يتبع المصلحة ويتبدل بتبدلها بأن "أصحاب رسول الله يعارضون أمره بما يترتب عليه من ضرر يلحق المسلمين بسببه فيقرهم على ذلك - صلى الله عليه وسلم - من هذا ما رواه البخاري بسنده عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة - رضي الله عنه - قال: خفت أزواد القوم وأملقوا (٢) فأتوا النبي في نحر إبلهم فأذن لهم، فلقيهم عمر - رضي الله عنه - فأخبروه: فقال: يا رسول الله ما بقاؤهم بعد إبلهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم، فبسط لذلك نطع وجعلوه على النطع فقام رسول الله فدعا وبرك عليه ثم دعاهم بأوعيتهم، فاحتسى الناس حتى فرغوا ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" (٣). فقد عارض عمر إذن رسول الله بالنحر بالمصلحة وأقره الرسول على ذلك (٤).

مناقشته: إن هذا النص الذي استدل به على جواز معارضة حكم الشرع بالمصلحة مثل النصوص السابقة لا تدل له على شيء من ذلك.


(١) انظر كيفية الاستنباط من الآية في أحكام القرآن لإبن العربي ٢/ ٦١٥.
(٢) معنى أملقوا افتقروا. انظر فتح الباري ٦/ ١٣٠.
(٣) فتح الباري ٦/ ١٢٩ - ١٣٠.
(٤) تعليل الأحكام ٣٢.

<<  <   >  >>