للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة كانوا يفتون بالمصلحة في مقابلة بعض النصوص ولم ينكر أحد منهم ذلك فكان إجماعاً (١).

٣ - دليل عقلي: حاصله أن الشارع راعى مصالح الخلق في المعاش فكيف لا يراعي لذلك في الأحكام الشرعية، إذ هي بالمراعاة أولى، فوجب القول بأن الشارع راعى المصلحة في الأحكام الشرعية، فحينئذ لا يجوز إهمالها بوجه من الوجوه.

وإذا تتبعنا مقاصد الشارع في جلب المصالح ودرء المفاسد، قطعنا بأن المصلحة لا يجوز إهمالها، والمفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها نص ولا إجماع ولا قياس خاص.

ومثل ذلك - ولله المثل الأعلى - كمن عاشر إنساناً من الفضلاء الحكماء العقلاء وفهم عنه مايحبه وما يكرهه، في كل ورد وصدر، ثم جاءته قضية فيها مصلحة أو مفسدة لا يعرف فيها قوله: "فإنه يعرفه بمجموع ما عهد من طريقته وأَلِفَهُ من عادته أنه يؤثر تلك المصلحة ويكره تلك المفسدة، هذه الأدلة مجتمعة تنادي باعتبار المصلحة منصوصاً عليها أو غير منصوص، وليس لنفاة المصالح هنا متمسك .. " (٢).

المناقشة: نسلم معه القول بأن نفاة العمل بالمصالح الشرعية مخطئون، ونسلم معه أن الشارع جاء بمصالح العباد، وأن هذا أمر مقطوع به، ونخالفه في تحديد الطريق الذي يوصل إلى المصلحة الشرعية ..

فأقول: إن الشارع كما جاء بمصالح العباد، جاء بالطريق الذي يدلنا على ذلك، فجعل النصوص محققة للمصلحة ابتداء، وذلك لأنها هي رحمة للعالمين، فإن القرآن هدى ورحمة، فلو لم تحقق نصوصه المصلحة فكيف يكون هدى ورحمة.


(١) المرجع السابق: ٢٩٠.
(٢) المرجع السابق: ٢٩٠ - ٢٩١.

<<  <   >  >>