للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أنهما جميعًا من أحكام الشريعة الإِسلامية، ويجب الالتزام بها لأنها من الدين الذي أمرنا الله باتباعه، ولا يجوز تبديلها ولا تغييرها ولا تعطيلها بل الواجب توقيرها وتعظيمها والانقياد لها لأنها من عند الله العزيز الحكيم.

٢ - أن المطيع لأمر الله في العبادات والعادات مثاب، لأنه أدى حق الله عليه، سواء بأداء الصلوات أو بأداء حقوق الناس كما أمره الله، فحق الله فيها ظاهر، ولذلك تشترك في معنى التعبد من هذه الجهة، فهي عبادة لله، فكما تتحقق عبادة الله بالتوحيد تتحقق بأداء الصلوات والحج والصوم والزكاة، وتتحقق بالتزام حكم الله في الاقتصاد والاجتماع والحكم والسياسة.

فمن إلتزم في ذلك كله أمر الله - يرجوا بذلك وجه الله - فهو متعبد مأجور، ومن خالف فبحسب مخالفته، وإنما يتحقق الأجر في كل ذلك لأن فيه معنى التعبد أي معنى عبادة الله، وهذا حاصل ما قرره الشاطبي بأدلة واضحة بينة في المسألة التاسعة عشرة، ليقول لنا أن كل تكليف فيه حق لله (١).

وبملاحظة مواضع الاتفاق والاختلاف يمكن معالجة هذه الشبهة التي يمكن أن يقع فيها بعض الناس وهي: أن ملاحظة معنى "التعبد" في العاديات من تلك الجهة وبذلك المقصود، مانع من اتباع القياس الشرعي والمصلحة المعتبرة أو بلفظ آخر مانع من التعدية.

وهذا ما فهمه الشلبي حيث قال: "استند هذا الفريق في مدعاة أن المعاملات ملاحظ فيها التعبد" إلى أمور منها، ثم ذكر أدلة الإِمام الشاطبي على المسألة التاسعة عشرة التي أشرت إليها آنفًا، ثم حاول الإِجابة عنها (٢).

ولا نحتاج هنا إلى مناقشته، فضلًا عن ذكر أدلة الشاطبي وتعليقه هو فإن ذلك لا ضرورة له، وذلك أن الإِمام الشاطبي لم يقصد بإثبات معنى التعبد في العاديات منع التعدية فيها، لأنه يقر بالفرق الذي ذكرته بين العبادات والعاديات


(١) المسألة التاسعة عشرة: الموافقات ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩ - ٢٣٠ - ٢٣١.
(٢) تعليل الأحكام ٢٩٧ - ٢٩٨ - ٢٩٩.

<<  <   >  >>