للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا الرأي قال بعض الباحثين المحدثين منهم الدكتور البوطي عند الحديث عن ضوابط المصلحة .. قال: "الأمر الأول: ضرورة سير المصالح في جوهر الدين المكون من صريح النصوص والأحكام وما تم عليه الإِجماع بمعنى أنه لا يجوز بناء حكم على مصلحة إذا كان في ذلك مخالفة لنص كتاب أو سنة أو قياس تم الدليل على صحته أو إجماع، إلّا إجماعًا تأسس أمره على مصلحة دنيوية غير ثابتة، فيجوز أن يتغيّر حينئذ ذلك الإِجماع بمثله إذا تغيّرت المصلحة الأولى وقامت مصلحة غيرها، مثال ذلك ما لو أجمع المسلمون في وقت ما على ضرورة قتل الأسرى، أو استرقاقهم، نظرًا لمصلحة تستدعي ذلك كالمعاملة بالمثل، ثم أجمعوا في وقت آخر على خلاف ذلك نظرًا لزوال الحالة السابقة، ومثاله أيضًا ما لو أجمع المسلمون في عصر ما على عقد الصلح بينهم وبين الكافرين لمصلحة تستدعي ذلك، ثم رأى من بعدهم وأجمعوا على عدم الصلح لزوال تلك المصلحة" (١). ومنهم صاحب كتاب تعليل الأحكام حيث قال: "وإذا رجعنا بالإِجماع إلى سنده الذي هو الدليل على الحقيقة وجدناه لا يخرج عن كونه نصًا أو قياسًا أو مصلحة (٢) فإن كان نصًا فقد علمت ما فيه (٣)، وإن كان قياسًا والأقيسة مختلفة، فقياس شبهي وآخر طردي، وثالث مناسب، وكل هذه لا تقوى على معارضة المصلحة التي ما شرع الحكم إلّا لتحصيلها، وإنْ كان مصلحة فقد تغيّرت فيجب الانتقال إلى ما يحصلها، وكون الاتفاق وقع على الحكم الأول بقصد أو بغير قصد لا يؤثر في الحكم إلّا بما قاله الفقهاء، أن الحكم


(١) ضوابط المصلحة ٦١.
(٢) سيأتي بيان أن من العلماء من يستبعد وقوع الإِجماع على قياس أو مصلحة واستبعده الدكتور الشلبي قبل هذا الموضع بأسطر قليلة انظر ٣٢٤ ومع ذلك جعل منه قضية للبحث!!!
(٣) لم أعلمْ ما فيه إلّا ما قدمه قبل هذا الكلام وهو عبارة عن إنكار لحجية الإِجماع وعصمته ثم عود منه - على طريقة الجدليين - للتسليم بالحجية، ثم تقسيم الإِجماع إلى قطعي وظني، ثم الكلام على استبعاد ثبوته، ثم التسليم به مرة أخرى ٣٢٣ - ٣٢٤، فلعله بريد أن يقول قد علمت ما قلناه في الإِجماع!!

<<  <   >  >>