للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصبح قطعيًا لا يصح فيه الاجتهاد بعد أن كان ظنيًا مجالًا لاختلاف الأنظار، وهذه كما ترى لا تخرج عن كونها دعوى ...

والآن نعرض لبعض الأحكام التي خالف فيها الأئمة ما سماه الناس إجماعًا فيما بعد .. " (١) ..

مناقشة هذا الرأي: إن هذا الرأي استنكره عامة الأصوليين قال صاحب كشف الأسرار في باب النسخ بعد أن ذكر رأي البزدوي: "ويتصور أن ينعقد إجماع لمصلحة ثم تتبدل تلك المصلحة فينعقد إجماع على خلاف الأول ولكن عامة الأصوليين أنكروا كون الإِجماع ناسخًا لشيء أو منسوخًا بشيء لما بينا أنه لا يصلح ناسخًا للكتاب والسنة ... وكذا لا يصلحِ ناسخًا للإجماع ولا منسوخًا به ... وكذا لا يصلح ناسخًا للقياس ولا منسوخًا به ... " (٢).

وقوله "ولكن" استدراك على قوله: "ويتصور أن ينعقد إجماع لمصلحة ثم تتبدل" وكما هو ظاهر يفيدنا أن عامة الأصوليين ينكرون نسخ الإِجماع بالإِجماع سواء ما كان عن مصلحة أو قياس أو نص.

ولننظر بعد ذلك في سبب إنكار عامة الأصوليين لهذا الرأي ثم أبين الوضع الصحيح لهذه المسألة بعد ذلك، وسبب الإِنكار يرجع إلى أمرين:

الأول: أن من العلماء من منع وقوع الإِجماع عن قياس فضلًا أن يقع على مصلحة، ومنهم الإِمام الطبري وأهل الظاهر (٣).

وقد رجح هذا المذهب صاحب رسالة "أصول الفقه وابن تيمية" وأثبت أن الإِجماع لم يقع عن قياس وذلك باستقراء المواضع التي ذكرها المجيزون، وأثبت وقوعها عن نص وقدم لذلك بقوله: " .. إنّ الحق هو أن الإِجماع لا بد له


(١) ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٢) ٣/ ١٧٦.
(٣) الإِحكام للآمدي ١/ ٢٦٤، الإِحكام لإبن حزم ٤/ ٦٤٠ تحقيق وتقديم محمد عبد العزيز - الطبعة الأولى ١٣٩٨ هـ.

<<  <   >  >>