للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك لا أجدني في حاجة إلى الجواب عن القول بأن الإِجماع ينسخ النص استدلالًا بأن الصحابة أجمعوا على منع المؤلفة قلوبهم من سهمهم، وأن ذلك تغير للنص بالإِجماع.

وقد أجبت عن أصل المسألة في موضع سابق وهو الجواب عن القول بنسخ النص بالإِجماع (١).

نعم إذا كان هناك نص منسوخ فإن الناسخ له ليس هو الإِجماع، وإنما هو السند الذي انبنى عليه ذلك الإِجماع علمه من علمه وجهله من جهله (٢).

والجواب عما ذهب إليه هؤلاء الباحثون هو الجواب عما قاله الدكتور شلبي وأضيف هنا أن الأمثلة التي ذكرها والتي قال عنها: "والآن نعرض لبعض الأحكام التي خالف فيها الأئمة ما سماه الناس إجماعًا فيما بعد ... " (٣) ثم ذكر بعض الأمثلة منها مسألة التسعير، وإعطاء المؤلفة قلوبهم في عهد عمر بن عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- ... إن هذه الأمثلة يمكن الجواب عنها من وجهين:

الأول: إن المستدل بها قال إنها مما سماه الناس إجماعًا، فهي إذن ليست إجماعًا مقطوعًا به، وليس كل ما يسميه الناس إجماعًا يكون كذلك، ونحن نتحدث عن الإِجماع الثابت ونقول إنه معصوم وحكمه كذلك، ولا يجوز تغييره ولا تبديله.

الثاني: إن مسائله المذكورة مشابهة لما ناقشته فيه عند الحديث عن المصلحة فمسألة المؤلفة قلوبهم تحقيق مناط بحسب حالتهم في زمن أبي بكر أو زمن عمر بن الخطاب أو زمن عمر بن عبد العزيز وليست تغييرًا ولا تبديلًا في الحكم الشرعي (٤).


(١) انظر ما سبق ص ٤٦١.
(٢) المجموع الفتاوى الكبرى ١٩/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٣) انظر تعليل الأحكام ٣٢٥.
(٤) انظر ما سبق ص ٤٦١.

<<  <   >  >>