للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أنكر الجويني هذا القول إنكاراً بليغاً وقال ابن تيمية: "وهم معذورون في إنكاره" (١).

والذي يظهر من هذه النصوص مجتمعة أن مذهب القاضي أبي بكر أن: الأقيسة المظنونة وما ماثلها من الظنيات لا سبيل إلى ترجيح ظن على ظن إذا اختلفت الأنظار وتكاثرت الظنون على المجتهد إلا باتباع ما تميل إليه النفس حسب الاتفاق.

هذا حاصل مذهب القاضي وسأذكر مناقشة الجويني وابن تيمية لهذا المذهب وردهما له.

وقبل ذلك أقرر هنا أن ما تحصل من هذه النصوص لا يفيد أن الفقه كله من باب الظنيات -كما قال الرازي- وغاية ما في الأمر أن الأقيسة المظنونة وما ماثلها للقاضي فيها مذهب خاص كما ذكرته آنفاً.

والسؤال الذي يحتاج إلى جواب في هذا الموضع هو: أن القاضي أجاب عن تفسير من فسر قيد "العلم" في التعريف بأنه العلم بوجوب العمل (٢)، وعارضه بأن العلم بوجوب العمل حكم أصولي لا حكم فقهي.

قال ابن تيمية: "لكم يقال العمل بهذا الظن هو حكم أصول الفقه ليس الفقه هو ذاك الظن الحاصل بالظاهر وخبر الواحد والقياس، والأصول تفيد أن العمل بهذا الظن واجب، وإلا فالفقهاء لا يتعرضون لهذا، فهذا الحكم العملي الأصولي ليس هو الفقه، وهذا الجواب جواب القاضي أبي بكر" (٣).


(١) مجموع الفتاوى الكبرى ١٣/ ١١٤.
(٢) انظر كلام الرازي ص ٦٣.
(٣) مجموع الفتاوى الكبرى ١٣/ ١١٣.

<<  <   >  >>