للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الجنابة وتحريم الخمر والزنى والسرقة واللواط والقتل والفواحش مطلقاً، وكل ذلك مما هو معلوم لا مظنون (١).

٢ - إن غالب أحكام الفقه والحمد لله معلومة، أي أن العلم بها ممكن وإنْ لم يكن حاصلاً لكل أحد بل ولا لغالب المتفقهة المقلدين لأئمتهم (٢).

وكثير من العلماء يعلم بالضرورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد للسهو وقضى بالدية على العاقلة (٣)، وأن الولد للفراش، وغير ذلك مما يعلمه الخاصة بالضرورة وأكثر الناس لا يعلمه بتة، فالشيء المعلوم بالضرورة إضافي. فإن الرجل الذي نشأ ببادية أو كان قريب عهد بجاهلية قد لا يعلم ذلك بالكلية (٤)، فكثير مما يعتبره بعض أهل العلم من المظنون إنّما هو باعتبار فهمهم له، وإلّا فإنه من المعلوم عند غيرهم، بل إن أكثر الأفعال أحكامها معلومة وإنْ وقع الظن فيها عند بعض العلماء.

وهذا لا يعني أنّ الفقه كله من المقطوع به عند شيخ الإِسلام بل منه ما هو معلوم ومنه ما هو مظنون، يقول "الفقه هو معرفة أحكام أفعال العباد سواء كانت المعرفة علما أو ظناً أو نحو ذلك" (٥).

مناقشة مذهب القاضي ومن وافقه:

وبعد أن تبين لنا بطلان مذهب الرازي، ننتقل إلى بيان موقف الجويني وابن تيمية من مذهب القاضي أبي بكر، وحاصل مذهبه أن المسائل التي لا نص فيها إنّما يتبع فيها المجتهد ظنه ولا مرجح عنده، إلّا ما أشار إليه الغزالي


(١) مجموع الفتاوى الكبرى ١٣/ ١١٨.
(٢) الاستقامة ١/ ٥٥.
(٣) العاقلة جمع عاقل، وعاقلة الرجل هم قرابته الذين يحملون عنه الدية، المصباح المنير مادة عقل ٥٠٥، لأحمد بن محمد الفيومي -بيروت ١٣٩٨، توزيع دار الباز- مكة الكبرى، الطبعة بدون.
(٤) مجموع الفتاوى الكبرى ١٣/ ١١٨.
(٥) الاستقامة ١/ ٥٥.

<<  <   >  >>