للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يلقاه بشيء من الكلام (١) وقال رجل للحسن بن زياد اللؤلؤي (٢) أكان زفر (٣) ينظر في الكلام، فقال سبحان الله ما أدركت مشيختنا زفر وأبا يوسف وأبا حنيفة ومن جالسنا وأخذنا عنهم همهم غير الفقه والاقتداء بمن تقدمهم (٤).

وقال ابن عبد البر: "أجمع أهل الفقه والآثار في جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يُعدّون عند الجميع في جميع الأمصار من طبقات العلماء وإنّما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالاتقان والميز والفهم (٥).

وهذه النقول الثابتة البينة تفيدنا أمرين:

الأول: أن علم الكلام بدعة.

الثاني: أن جميع أئمة السلف شهدوا بذلك.

ونعالج هنا شبهة كَثُر ترديدها مفادها أن ما لم يفعله السلف وأحدثه الخلف لا ينبغي رده لأن السلف لم يفعلوه، وأن البدعة لا تكون محرمة في كل حال.

والجواب عن ذلك أن يُقال ليس لازماً أن يكون عمل الخلف هو عمل السلف في كل شىِء. فإن عمل الخلف ينقسم إلى أقسام:


(١) انظر المصدرين السابقين، والنص النقول للشافعي -رَحِمَهُ اللهُ- ٢/ ٣٣٢، الاعتصام ٣٣٣.
(٢) ولي القضاء ثم استعفى عنه، وكان يختلف إلى أبي يوسف وإلى زفر، توفي سنة ٢٠٤ هـ، تاج التراجم ٢٢، والإِعلام ٢/ ٢٠٥.
(٣) هو زفر بن الهذيل بن قيس التميمي، من أصحاب أبي حنيفة ولي قضاء البصرة وتوفي بها ومن أقواله: "نحن لا نأخذ بالرأي ما دام أثر وإذا جاء الأثر تركنا الرأي" ولد سنة ١١٠ - وتوفي سنة ١٥٨ هـ، تاج التراجم في طبقات الحنفية ٢٨، ابن قطلوبغا، الناشر مكتبة المثنى ببغداد سنة ١٩٦٢ نشر ببغداد، والأعلام ٣/ ٧٨.
(٤) الاعتصام ٢/ ٣٣٣.
(٥) الاعتصام ٢/ ٣٣٣، جامع بيان العلم لإبن عبد البر. ٥/ ٩٢ - ٩٦ وقف على طبعه إدارة الطباعة المنيرية ١٣٩٨ هـ - بيروت - لبنان.

<<  <   >  >>