للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ما كان من الأمور المادية العملية كبناء المجتمعات واستخدام إنتاج العلم المادي فهذا أخذ الخلف به -وإنْ لم ياخذ به السلف- أمر واجب أو مندوب شريطة أن لا يكون فيه مخالفة للشرع.

٢ - ما كان من الأمور الدينية الاجتهادية التي نُقل الخلاف فيها عن السلف فهذا لا بأس على الخلف أن يجتهدوا ويتخيروا الأقرب إلى الصواب مما نُقل إليهم من الأفهام.

٣ - ما كان من الأمور الدينية التي نص أئمة السلف على أنها بدعة (١) فهذه لا سبيل إلى المراجعة فيها وجعلها شرعاً وذلك لأنها على هذا النحو لا تكون سنة إلى يوم القيامة.

والدليل على هذا: أن علماء السلف إذا قالوا عن أمر من الأمور الدينية أنه بدعة فقد جزموا بأنه لا شاهد له من الشرع بتة، فلا يمكن أن يستنبط له معنى شرعي أبداً، فالكتاب وهو القرآن لا يشهد له، والسنة بمعناها العام (٢) لا تشهد له، والإجماع لا يشهد له، والقياس الشرعي لا يشهد له، وبالجملة فإنه لا يوجد شيء في الشريعة يشهد له.

وعلى هذا فإن الذين يحاولون إثبات شرعية أمر من الأمور قال أئمة السلف بأنه بدعة إنما يحاولون شططاً، ويتبعون سراباً، فإن أمراً اتفق أئمة السلف على أنه لا شاهد له في الشريعة يستحيل شرعاً أن يجد الناس بعدهم له أصلاً شرعياً، فإذا قالوا عن علم الكلام أنه "بدعة" فهذا يقتضي كونه بدعة إلى يوم القيامة، ومن حاول البحث من الخلف لإِيجاد شاهد له من الشرع فلن يجد أبداً، اللهم إلّا شبهة لا تنفعه في شيء، وهذا المعنى لا ينبغي التنازع فيه إذ أنه يستحيل شرعاً أن يكون شاهد من الكتاب أو السنة أو الإِجماع أو القياس -بما


(١) أقتصر هنا على بيان القسم الثالث لأنه متصل بمسألة البحث في هذا الموضع، وأرجئ القسمين الأوليين إلى موضعهما من البحث إن شاء الله.
(٢) يدخل فيها السنة القولية والفعلية، وإقراره - عليه الصلاة والسلام - وسنة الخلفاء الراشدين وما كان عليه الصحابة، وبالجملة ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -.

<<  <   >  >>