للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن ما سواه في مقام العبودية سواء أكان رسولًا، أو من المجتهدين إماماً أو قاضياً أو مفتياً فرداً أو جماعة فالشارع متبوع والمجتهد تابع.

٣ - أن الشريعة معصومة ورسولها معصوم، والمجتهد ليس بمعصوم إلّا إذا أجمع المجتهدون على أمر من الأمور الشرعية (١).

٤ - أن المشرع لا يُسْأل عما يفعله، والمجتهد يسأل عما يفعل (٢)، ذلك أن الله هو الحق وهو العليم الحكيم.

{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (٣).

أما البشر فهم غير معصومن إلّا الرسل - عليهم السلام -.

٥ - أن المشرع له حق النسخ والتبديل -كما كان له حق التشريع- وقد انقطع هذا بانقطاع الوحي - وأما المجتهد فليس له شيء من ذلك لا تغير ولا تبديل ولا نسخ ولا تعطيل، بل عليه الانقياد والإِذعان لحكم الله سبحانه، وذلك فرض على البشر أجمعين.

وبهذا يتضح خطأ بعض الباحثين الذين يقسّمون التشريع إلى قسمين: تشريع ابتداء وهو حق الله، وتشريع ابتناء وهو حق المجتهدين (٤).

والصواب أن عمل المجتهدين لا يسمى تشريعاً ابتناء بل هو اجتهاد مبني على التشريع الذي هو الوحي، وهذا مقتضى المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للاجتهاد.


(١) سيأتي بإذن الله تعالى الحديث عن عصمة الإجماع في فصل مستقل.
(٢) أي يسأل عن الحجة التي أوجبت له أن يقول بهذا الحكم مع الأدب في السؤال وطلب إزالة الأشكال إن وجد.
(٣) سورة الأنبياء: آية ٢٣.
(٤) أصول الشرعية الإِسلامية مضمونها وخصائصها ٢٦ - الدكتور علي جريشة الطبعة الأولى مع أنه يفضل أن لا تُطلق "الشريعة" على "الفقه" ص ٩ وهذا قصد طيب ولكنه لا يتحقق على الوجه المطلوب إلّا على ما قدمته من بيان الفرق بين الاجتهاد والتشريع.

<<  <   >  >>