للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينشئه وعمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو تبليغ هذا الحكم إلى الناس، وعمل المجتهدين من بعده هو اقتباس هذا الحكم من الأدلة التي نصبها الشرع لمعرفته" (١).

فعمل المجتهد إذاً لا يتعدى هذه الصورة، فهو إما أن يستنبط الحكم أو يطبقه على الواقعة (٢).

ولهذا نصب د. الأفغاني -في رسالته "الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر"- فصلاً عنوانه "الاجتهاد ليس تشريعاً" قرر فيه -بعد أن بيّن تعريف الاجتهاد وأورد كلام الأصوليين فيه- أن الاجتهاد هو الاستنباط من الأدلة فقال:

"يتضح مما قدمنا من تعريف الاجتهاد أنه ليس بتشريع للأحكام وإنشائها (٣) وأن المجتهد ليس مشرعاً ومنشئاً لها، فإن الاجتهاد هو بذل الجهد من الفقيه في استخراج الحكم الشرعي من دليله الشرعي، والمجتهد هو: الذي يبذل جهده في استخراج الحكم الشرعي من الدليل الشرعي فوظيفته الكشف والإِبانة" (٤).

والآن بعد هذه الدراسة يمكنني أن أذكر أهم الفروق بين التشريع والاجتهاد -وهي مبنية على قواعد متفق عليها كما بينته سابقاً.

١ - إن المشرع -وهو الله سبحانه- منشئ للأحكام، وإن المجتهد مستنبط للحكم وكاشف عنه.

٢ - إن المشرع -وهو الله سبحانه وتعالى- له الطاعة والاتباع لذاته،


(١) أصول الفقه د. حسين حامد حسان ١٣٤.
(٢) الاعتصام ٢/ ١٦١.
(٣) الأولى أن يقول: "وانشاء لها".
(٤) الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر ١٥٢، د. سيد محمد الأفغانستاني، الناشر دار الكتب الحديثة مصر - الطبعة بدون.

<<  <   >  >>