للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا بأس هنا من التنبيه على ما أشار إليه البعض من مقارنة خفية بين الفقه الإِسلامي والقوانين الوضعية، فقال عن "الفقه الاسلامي" وله صفة الشمول ولكن على نحو أقل مما للشريعة وأكثر مما للقوانين الوضعية" (١).

وهذا القول غير صواب لأن الفقه مظهر من مظاهر الشمول (٢) لهذه الشريعة فكما لا يجوز عند هذا الباحث أن تقارن الشريعة الإِسلامية من حيث شمولها بالقانون الوضعي، فكذلك الفقه (٣)، لأنه ثمرة من ثمارها فهي قاعدة له وأصل وهو ثمرة لها وفرع.

والحاصل أن إدراك خصائص الشريعة وخصائص الفقه الإِسلامي أمر ضروري جداً لكي نخلص من التأثيرات الفكرية للمذاهب المعاصرة، ولكي نبتعد ونحذر من الوقوع في الخلط بين خصائص الفقه الإِسلامي والقوانين الوضعية حتى مجرد شعورنا بتقارب طبيعتهما وأهدافهما.

وبعد هذه الدراسة يتبين لي الأمور التالية:

١ - أن الشريعة هي الوحي كتاباً وسنة، والفقه أفهام المجتهدين.

٢ - أن الشريعة معصومة، لأنها هي الوحي، والوحي بقسميه الكتاب والسنة معصوم، أما الكتاب فلأنه كلام الله، وأما السنة (٤) فلأنها وحي من عند الله معنىً، واللفظ من عند رسوله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) المدخل لدراسة الشريعة ٦٦.
(٢) سيأتي بيان هذه الحقيقة في الفصول القادمة إن شاء الله.
(٣) من المعلوم عند القانونيين أن القانون تنتهي حياته بإلغائه أو نسخه وذلك إبطال له، والفقه الإِسلامي ثمرة يانعة باقية ما بقيت هذه الشريعة، فكيف يقارن بالقوانين والحال هذه. انظر المدخل للعلوم القانونية ٢٣٥. وسأذكر أهم الفروق بينهما في موضعه من البحث إن شاء الله.
(٤) السنة تشمل السنة القولية والفعلية والتقريرية، والعصمة ثابتة للسنة مع إمكان وقوع الاجتهاد من الرصول وتصحيح الوحي له. ومعنى هذا أن السنة بجميع أنواعها تشرك =

<<  <   >  >>