للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوضعي لا يمكن أن يسمى "تشريعاً إسلامياً" ولا "فقهاً إسلامياً". وحينئذ يمكن أن نتصور هذا الاضطراب الشديد، والاختلال في الفهم عندما نقول عن "الفقه الإِسلامي" الذي هو مستنبط من الأدلة الشرعية بالإِجماع أنه "تشريع إسلامي وضعي"!!

والحق أن الفقه الإِسلامي فقه مستمد من الشريعة، وقيد الشرعية في نعريفه متفق عليه كما أسلفنا (١) ولا صلة له بالتشريع الوضعي، ولا يجوز لأحد أن يصفه بأنه "إسلامي وضعي"، فهذه عبارة خاطئة، ومناقضة لتعريف "الفقه الإِسلامي" وحقيقته، ولا بأس بالتذكير بأقوال بعض أهل العلم وإن كان ما ذكر سابقاً كافياً في الرد على مثل هذه الآراء، قال ابن تيمية: "وليس لأحد من المجتهدين غرض في أن يثبت للأفعال أحكاماً باعتقاده ولا أن يشرع ديناً لم يأذن به الله ... وإنما مطلوبه أن يعتقد حكم الله ودينه" (٢) فـ "الفقه اسم للعلم الحاصل للمجتهدين المستنبطين للأحكام من أدلتها التفصيلية" (٣).

وأذكّر هنا أيضاً بما قلته سابقاً من أن تحديد المصطلحات أمر ضروري وكذلك ربطها بمعناها اللغوي والاصطلاحي دون مجاوزته، حتى تستقيم المصطلحات وتستقر المعاني الشرعية، ويسد الباب سداً محكماً في وجه التأثيرات الفكرية للمذاهب المخالفة للإِسلام (٤).


(١) انظر ص ٦٠ - ٦١.
(٢) الرسائل المنيرية - الرسالة الثامنة ١/ ١٦١.
(٣) حاشية سعد الدين على شرح مختصر ابن الحاجب ٢٥.
(٤) وعدم تقيد بعض الدارسين للإِسلام سواء عقائده أو أصوله الفقهية بالمصطلحات الشرعية أدى إلى وقوع الاختلاف والتنازع، ومن قال لا مشاحة في الاصطلاح يجب عليه أن يقيد ذلك بعدم مخالفة المصطلحات للأصل اللغوي والشرعي وإلّا ضاعت المعاني اللغوية والشرعية وسط اضطراب المصطلحات، فإذا جاء باحث يردها إلى معانيها اللغوية والشرعية، قيل له لا مشاحة في الاصطلاح، والحق أن المصطلح الذي يناقض المعنى اللغوي والشرعي فيه مشاحة بل يجب رده كما أشرت سابقاً وبيان الصواب، والله أعلم.

<<  <   >  >>