ذكر المؤلِّف ﵀ في هذه الجملة أنَّ قول:«لا إله إلا اللَّه» يتضمن محبة اللَّه، وهذا حقٌّ؛ فإنَّ معنى «لا إله إلا اللَّه»؛ أي: لا معبودَ بحقٍّ إلا اللَّه، فهو وحده سبحانه المستحقُّ للعبادة، وحقيقة «العبادة» كمالُ الحبِّ مع كمالِ الذُّل.
إذاً فقول:«لا إله إلا اللَّه» يقتضي أن يكون قائلُها محِبّاً للَّه، ومحِبّاً لما يُحِبُّه اللَّه، وهذا أمرٌ بَدَهِيٌّ، وهو مما فَطَرَ اللَّه عليه عِبَادَهُ، فإنَّ محبَّةَ الحَبِيبِ تقتضي محبَّةَ ما يُحِبُّه، بل وبُغْضَ ما يُبغِضُهُ.
بل إنَّ قولَ:«لا إله إلا اللَّه» كما أنَّه يقتضي محبَّة اللَّه فإنَّه يقتضي أيضاً خوفَه ورجاءَه، فلا بد إذاً من تصديق هذه الكلمة، وتصديقُها إنما هو بمحبة ما يُحِبُّه اللَّه وبُغْضِ ما يُبغِضُه، فبحسب ما يكون بالقلب من محبَّة اللَّه وصِدْقِ العبودية له تكون حال الإنسان في تعامله مع الأشياء، فيُحِبُّ ما يُحِبُّه اللَّه ويُبغِضُ ما يُبْغِضُهُ اللَّه.
وأما من عَكَسَ؛ فَأَحَبَّ ما يُبغِضُه اللَّه، أو أَبغَضَ ما يُحِبُّه اللَّه، كان ذلك مكذِّباً لدَعْوَاهُ المحبَّة، أو دَالاًّ على نقصٍ فيما يدَّعِيه من المحبَّة.
ومعنى هذا أنَّ كمال التوحيد يقتضي محبَّة ما يحبُّه اللَّه، وبُغْضَ ما يُبغِضُه اللَّه؛ من الأعمال والأقوال والأشخاص.
فيقتضي محبة ما أمر اللَّه به ورسوله، وبغض ما نهى اللَّه عنه ورسوله، ويقتضي أيضاً محبة أولياء اللَّه، وبغض أعدائه.