للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث الصحيح: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُوداً عُوداً، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السموات وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسوَدُ مُرْبَادّاً، كَالْكُوزِ مُجَخِّياً، لا يَعْرِفُ مَعْرُوفاً، وَلا يُنْكِرُ مُنْكَراً، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» (١).

ومن أمراض القلوب التي تبعث عليها الشهوات -وهي كثيرة-: الرياء، وهو أن يعمل الإنسان العمل مما يحبه اللَّه ليراه الناس، وليقولوا فيه كذا وكذا؛ يعني: أنه يَعمَلُ العَمَلَ للمَحْمَدَة، نعوذ باللَّه من ذلك، وهذا مرضٌ خطيرٌ، نسأل اللَّه أن يقينا منه، ولهذا جاء في الحديث قوله ﷺ: «أخوف ما أخاف عليكم الشركُ الأصغرُ» فسُئل عنه؟، فقال: «الرِّيَاء» (٢).

وفي المسائل التي ذكرها الشيخ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهاب ﵀ في كتاب «التوحيد»، استنباطاً من نصوص (باب الخوف من الشرك): أنَّ الرِّياءَ أخوفُ ما يُخَاف منه على الصالحين (٣).

فعلى الإنسان أن يجتنب الرياء وأن يأخذ بالأسباب الواقية منه، وأن يسأل ربه أن يعصِمَه من الشركِ كُلِّهِ، صغيرِه وكبيرِه، ظاهرِه وخَفِيِّه، فالرياءُ هو شركٌ أصغرٌ وخفيٌّ.


(١) أخرجه مسلم رقم (١٤٤) من حديث حذيفة ﵁.
(٢) أخرجه أحمد في «المسند» رقم (٢٣٦٣٠ و ٢٣٦٣١ و ٢٣٦٣٦)، وإسناده حسن، كما قال الحافظ ابن حجر في «بلوغ المرام» رقم (١٤٩٨)، وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» (١/ ٣٤): «إسناده جيِّد».
(٣) المسألة الرابعة من مسائل الباب المذكور.

<<  <   >  >>