بهذا الموضوع ختم المؤلف ﵀ رسالته هذه، فذكر جملة من فضائل هذه الكلمة العظيمة «لا إله إلا اللَّه»، أو إن شئت قل: فضائل التوحيد، والمعنى واحد؛ فإنَّ التوحيدَ هو معنى «لا إله إلا اللَّه»، و «لا إله إلا اللَّه» معناها التوحيد، ولهذا في رواية الأحاديث تارة يُعَبَّر عن هذه الكلمة ب «التوحيد»، وتارة تُذكر بلفظها «لا إله إلا اللَّه».
ولا ريب أنَّ كلمةَ التوحيدِ هذه كلمةٌ عظيمةٌ؛ لأنَّها مشتملةٌ على أمرٍ عظيمٍ؛ فهي الشهادةُ التي شهد اللَّه بها لنفسِه، وشَهِدَت له بها ملائكتُه وأولو العلم، كما قال تعالى: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم (١٨)﴾ [آل عمران].
وهي الكلمة التي قال اللَّه فيها: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ ف «الكلمة» هنا هي: كلمة التوحيد، وقد بيَّنَها اللَّه بعد ذلك بقوله: ﴿أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّهِ﴾ [آل عمران]، وكذلك في قول إبراهيم ﵇ لقومه: ﴿إِنَّنِي بَرَاء مِمَّا تَعْبُدُون (٢٦) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف: ٢٦ - ٢٨]، وهي كلمة التوحيد.
وكلمة التوحيد هذه «لا إله إلا اللَّه» قد جاءت في القرآن بعدة أساليب تعبِّر عنها: