فلا بد من إعمالِ النُّصوص كلِّها، والذي يأخذ بعض النصوص، ويترك بعضاً، هو متبعٌ لهواه، بل لا بد من ردِّ النصوص بعضِها إلى بعض، والجمعِ بينها، وهذا هو المنهج الحق الذي سار عليه أهل السُّنَّة، فجمعوا بين نصوص الوعد والوعيد، وفسَّروا بعضَها ببعض، فلم يُكَفِّرُوا بالذنوب كما فعلت الخوارج، ولم يُخرِجُوا من أصل الإيمان كما فعلت المعتزلة، احتجاجاً بقوله ﷺ:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .. ».
وفي المقابل لم يفعلوا فعل المرجئة، ويقولوا بقولهم من أنَّ التصديقَ بالقلب، ومعرفةَ الخالق، والنطقَ بكلمة التوحيد، أنه يكفي ويعصم من العذاب.
فالتوحيد وحده لا يعصم من العقوبة في الدنيا، فالصحابة ﵃ قاتلوا مانعي الزكاة، والرسول ﷺ يقول:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، فعُلِمَ أنه لا يُخَلَّى سبيلُهم بمجرد النطق بكلمة التوحيد من غير التزام بالشرائع.