للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قال ابنُ رجبٍ :

وَأَحَادِيثُ هَذَا البَابِ نَوعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا فِيهِ أَنَّ مَنْ أَتَى بِالشَّهَادَتَينِ دَخَلَ الجَنَّةَ، أَوْ لَم يُحجَب عَنهَا؛ وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّ النَّارَ لا يُخَلَّدُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهلِ التَّوحِيدِ الخَالِصِ، وَقَدْ يَدخُلُ الجَنَّةَ وَلا يُحجَبُ عَنهَا إِذَا طُهِّرَ مِنْ ذُنُوبِهِ بِالنَّارِ.

وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ مَعنَاهُ: أَنَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةَ لا يَمنَعَانِ دُخُولَ الجَنَّةِ مَعَ التَّوحِيدِ، وَهَذَا حَقٌّ لا مِريَةَ فِيهِ، لَيسَ فِيهِ أَنَّهُ لا يُعَذَّبُ يَوماً عَلَيهِمَا مَعَ التَّوحِيدِ.

وفِي مُسنَدِ البَزَّارِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرفُوعاً: «مَنْ قَالَ: لا إله إِلَّا اللَّهُ نَفَعَتهُ يَوماً مِنْ دَهرِهِ، يُصِيبُهُ قَبلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ» (١).

وَالثَّانِي: مَا فِيهِ أَنَّهُ يَحرُمُ عَلَى النَّارِ، وَهَذَا قَدْ حَمَلَهُ بَعضُهُم عَلَى الخُلُودِ فِيهَا، أَوْ عَلَى نَارٍ يُخَلَّدُ فِيهَا أَهلُهَا، وَهِيَ مَا عَدَا الدَّرْكِ الأَعلَى، فَإِنَّ الدَّرْكَ الأَعلَى يَدخُلُهُ خَلقٌ كَثِيرٌ مِنْ عُصَاةِ المُوَحِّدِينَ بِذُنُوبِهِم، ثُمَّ يَخرُجُونَ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، وَبِرَحمَةِ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ.

وَفي «الصَّحِيحَينِ» أَنَّ اللَّهَ -تَعَالى- يَقُولُ: «وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُخْرِجَنَّ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (٢).


(١) أخرجه البزار في «مسنده» (١٥/ ٦٦) رقم (٨٢٩٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٧/ ٢٧٢) رقم (٣٠٠٤)، والطبراني في «الأوسط» (٦/ ٢٧٣) رقم (٦٣٩٦)، وإسناده صحيحٌ.
(٢) متفقٌ عليه من حديث أنسٍ ؛ البخاري رقم (٧٥١٠)، ومسلم رقم (٥٠٠)، وهو جزءٌ من حديث الشفاعة الطويل.

<<  <   >  >>