ومنهم مَنْ هم دون ذلك، وهم الظالمون لأنفسهم، ومنهم مَنْ يُخرَجُون من النار بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين.
وهؤلاء كُّلهم يَصدُقُ عليهم أنَّهم موَحِّدُون، وكلُّهم يقولون:«لا إله إلا اللَّه»، لكن مع التباين العظيم في العلمِ بمعناها والصدقِ والإخلاصِ في أدائها والعملِ بمقتضاها، وهو تباينٌ وتفاوتٌ لا يعلم مداه إلا اللَّه ﷾.
ف «اتباع الهوى» مصدرٌ لكثيرٍ من الذنوب، حتى الشرك إنما يصدر عن اتباع الهوى، كما قال اللَّه تعالى في المشركين: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (٢٣)﴾ [النجم: ١٩ - ٢٣].
ف «اتباع الهوى» مصدرٌ للذنوب؛ كبيرِها وصغيرِها، ولهذا جاء في القرآن إطلاق اسم «الإله» على الهوى، وأنَّ من الناس مَنْ اتخذ إِلهه هَوَاهُ، فجَعَلَ معبودَه هو الهوى، فمن بلغ به الأمر إلى أن يستَحِلَّ ما يهواه، ويترك ما لا يهواه بإطلاق، فإنَّه يخرج عن الإسلام بهذا، وأما المخَلِّط من المسلمين فتَجِدُه يَتَّبِع هواه في أشياء ويخالف هواه في أشياء، أما من هو متبع لهواه بإطلاق فهذا معناه أنه لا يُحِلُّ حَلالاً، ولا يُحَرِّمُ حَرَاماً، ولا يؤدِّي فريضة، بل ولا يؤمن باللَّه، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٢٣]، هذه صفة الكافرين الذين قال اللَّه فيهم: