تحقيق التوحيد، وتحقيق المتابعة للرسول ﷺ؛ فشهادة «أن محمداً رسول اللَّه» تقتضي تصديق الرسول بكل ما أخبر به، وطاعته بكل ما أمر به أو نهى عنه، وألا يُعْبَدَ اللَّه إلا بما شَرَعَ.
فلا بدَّ لتحقيق هاتين الشهادتين من القيام بما تقتضيه من أداء الفرائض، واجتناب المحرَّمات.
إذاً؛ فالذنوب منها ما يناقض أصل التوحيد، ومنها ما يناقض كماله، كما تقدم.
ثم ذكر المؤلِّف ﵀ جملةً من الذنوب مما ورد إطلاق اسم «الكفر» عليه؛ كقتال المسلم، أو إتيان الكاهن، أو إتيان المرأة في دبرها، أو إتيان الحائض.
ومن هذا الجنس إطلاق اسم «الكفر» على: الطعن في النسب، والنياحة على الميت، كما في قوله ﷺ:«اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»(١).
وكلُّ هذه ذنوبٌ تنافي تحقيق التوحيد والإيمان، وهذه الذنوب منها ما أُطلق عليه اسم «الشرك»، ومنها ما أُطلق عليه اسم «الكفر».
فعُلِمَ بهذا أنَّ «لا إله إلا اللَّه» لها مدلولٌ عظيمٌ، وأهلُها في تحقيقه متفاوتون، فأكملُ النَّاسِ توحيداً هم الرُّسُلُ، وأكمَلُهم أولو العَزْمِ، ثم النَّاسُ بعد ذلك على مراتب؛ فمنهم الصدِّيقُون والشهداءُ والصالحون،
(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (٦٧) من حديث أبي هريرة ﵁.