وأعلى مقامات الدِّين «الإحسان»، وهو أن تعبد اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
فالمقصود: أنَّ هذا الكلام الذي نَبَّه عليه المؤلف كلامٌ طَيِّبٌ؛ فليس من شرط الولاية العصمة، فأولياء اللَّه تَعْرِضُ لهم الذنوب، لكن يتوبون ويُنيبون ويُبادرون بالتوبة إلى اللَّه، خوفاً من اللَّه ومحبة له ورجاء لثوابه.
وأما قول زيد بن أسلم:(إنَّ اللَّه ليُحِبُّ العبدَ حتى يبلُغَ من حُبِّه له أن يقول: اذهبْ فاعمَلْ مَا شئتَ فقد غَفَرتُ لكَ) -إن صحَّ عنه- فمعناه: أن حكمة اللَّه تعالى تقتضي أن يقول لِوَلِيِّه: (اعمل ما شئتَ فقد غفرتُ لكَ)، وهذا نظير ما قاله ﷾ لأهل بدر:«اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم»(١)، لكن لا يُجزم بنسبة هذا القول إلى اللَّه تعالى في أحدٍ إلا بنقلٍ صحيحٍ عن النبيِّ ﷺ، لكنَّه ممكِنٌ.
ولهذا نجزم أنَّ اللَّه تعالى قال لأهل بدرٍ:«اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم» لثبوت خبره ﷺ بذلك.
ومعلوم أن هذا ليس إذناً باقتراف الذنوب، ولكنه وعدٌ بالمغفرة إن بُلِيَ العبدُ بشيءٍ من الذنوب.
وهكذا قول الشعبي:(إِذا أحبَّ اللَّه عبداً لم يَضُرَّه ذنبُه) يجب حمله على أنه لا بد أن يوفق للتوبة أو غيرها من أسباب المغفرة كما بَيَّن ذلك ابنُ رجبٍ في سياق كلامه التالي.
(١) متفقٌ عليه، أخرجه البخاري في مواضع، منها: رقم (٢٨٤٥)، ومسلمٌ رقم (٢٤٩٤).