للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و «العبادةُ» تتَضَمَّنُ شيئين: المحبة، والذُّل والإجلال، وفي هذا يقول ابن القيم في «نونيته» (١):

وَعِبَادَةُ الرَّحمنِ غَايَةُ حُبِّهِ … مَع ذُلِّ عَابِدِهِ هُما قُطْبَانِ

وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ … مَا دَارَ حَتَّى قَامَت القُطْبَانِ

فلا بد إذاً من اجتماع الأمرين: المحبَّة والذُّل مع الإجلال.

إذاً، فحقيقة التوحيد الذي دَلَّت عليه هذه الكلمة العظيمة: أنَّ العبدَ لا يَأْلَهُ إلا اللَّه؛ حُبّاً، وخوفاً، ورَجَاءً، وتَوَكُّلاً، ورَغْبَةً، ورَهْبَةً، فلا بد من التحَقُّق بهذه المعاني.

وهذه المعاني -كما تَقَدَّم- تُوجِبُ أفعالاً وتُرُوكاً، فتقتضي المبادرة إلى فعل المأمورات، واجتناب المحرمات، ولا يكون الإنسان محَقِّقاً لهذه الكلمة إلا إذا تحَقَّقَ بهذه المعاني، فحَقَّقَ تَأَلُّهَهُ وعُبُودِيَّتَهُ للَّه.

إذاً، هذا التَّأَلُّه والتَّعَبُّدُ ليسَ على مرتبةٍ واحدةٍ، فلا بد لتحقيق التوحيد من اجتناب المعاصي، بل لا بد من اجتناب الشركِ كُلِّه، الأكبرِ والأصغرِ.

أما «الشرك الأكبر» وهو عبادةُ غيرِ اللَّه مع اللَّه، ودعاءِ غيرِه واتخاذِّ النِّدِّ له، فهذا مناقضٌ لأصل التوحيد ولهذه الكلمة العظيمة.


(١) (١/ ١٧٩ - ١٨٠).

<<  <   >  >>