يختلسه من غير أن يَطَّلِع عليه أحدٌ، ويأمن -مع ذلك- على نفسه، ولكن يمنعه من اختلاسه خوفه من اللَّه تعالى.
ومن ذلك ما جاء في حديث السَّبعة الَّذين يُظِلُّهم اللَّه في ظِلِّه يومَ القيامة، ومنهم:«رجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منْصِبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخاف اللَّه»(١).
وأعظم مَثَلٍ لهذا نبيُّ اللَّه يوسف ﵇، فقد اجتمعت عليه كل أسباب الوقوع في الفاحشة، فهو مملوكٌ رقيقٌ غريبٌ شابٌّ عَزَبٌ، وسيدته هي التي تدعوه لمطلوبها، ومع ذلك يَفِرُّ منها، ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين (٢٤)﴾ [يوسف]، فلم تكن له حيلةٌ إلا أن يَفِرَّ إلى الباب ليَخرُج ليَسْلَم من الوقوع في الفاحشة وسوءِ العاقبة، كما قال تعالى: ﴿وَاسُتَبَقَا الْبَابَ﴾ [يوسف: ٢٥]؛ يعني: أيهما أسبق، فهو يريد الباب ليهرب ويخرج، وهي تريد الباب لتغلقه ولِتَحُولَ بينه وبين الخروج.
فالشاهد من هذا أن مقام المراقبة ومقام الخوف من اللَّه يبعث على الكَفِّ عن المحارم، وعلى التوبة من الجرائم.
* * *
(١) متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة ﵁؛ البخاري رقم (٦٢٩)، ومسلم رقم (١٠٣١).