للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذاً؛ فمن لم يتحقق بهذا فلا بد وأن يكون عنده نوعٌ من الشرك في المحبة، فمن أحبَّ شيئاً مما يبغضُه اللَّه أو كَرِهَ شيئاً مما يحبُّه لم يكن محقِّقاً لمحبَّة اللَّه؛ فإنَّ محبَّة اللَّه المطلقة التامَّة تقتضي محبَّة كل ما يحبه اللَّه وكل من يحبه اللَّه، وبغض كل ما يبغضه اللَّه وكل من يبغضه اللَّه.

ومن ذلك محبةُ الرسول ؛ فإنَّ محبةَ الرسول هي من محبةِ اللَّه، ومحبةُ المؤمنين هي من محبةِ اللَّه، فهي فرعٌ وتَبَعٌ.

وقد قَرَنَ اللَّه محبةَ الرَّسول بمحبتِه في كتابِه الكريم، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ﴾، وفي الحديث أيضاً: «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيمان: أن يَكُونَ اللَّه ورَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» (١).

وكما قَرَنَ اللَّه بينَه وبينَ الرَّسُول في المحبَّة قَرَنَ بينَه وبينَه في الطاعة أيضاً؛ فإن محبَّة الرسول تقتضي طاعته طاعةً مطلقةً كطاعة اللَّه؛ لأن طاعة الرسول هي طاعةٌ للَّه؛ فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة اللَّه ولا ينهى إلا عن معصيته، أما غيره من الخلق فإنه قد يأمر بمعصية اللَّه، فلهذا قُيِّدَت طاعةُ المخلوقِ -غير الرسولِ ب «المعروف» أو «بغير المعصية» كما في الحديث: «لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف» (٢).


(١) متفقٌ عليه من حديث أنسٍ ؛ البخاري رقم (١٦)، ومسلم رقم (٤٣).
(٢) متفقٌ عليه من حديث عليٍّ ؛ البخاري رقم (٦٨٣٠)، ومسلم رقم (١٨٤٠).

<<  <   >  >>