هذا كلامٌ فيه حقٌّ؛ وهو أنَّ مَنْ صَدَقَ في توحيدِه خَلا قلبُه من العبودِيَّة لغير اللَّه، لكن لا نقول: إنَّه يخلو قلبُه من غير اللَّه مطلقاً، فالقلبُ فيه تَعَلُّقَاتٌ طبيعِيَّةٌ، ومحبةٌ طبيعِيَّةٌ، وخوفٌ طبيعيٌّ، وهكذا، فالإنسان لا يخرج من طبيعته الإنسانية، لكن من شهد أن «لا إله إلا اللَّه» صِدْقاً من قلبه، أو مُستَيقِناً بها، فإنَّ قلبَه حينئذٍ يخلو من العبودية لغير اللَّه.
فليس صحيحاً أنَّ القلبَ يخلو من غير اللَّه مطلقاً، بمعنى أنَّه لا يكون فيه تَعَلُّقٌ أو التِفَاتَةٌ أو محَبَّةٌ أو خوفٌ، فهذا أمرٌ لا يمكن أن يَتَجَرَّدَ منه الإنسانُ؛ فالرُّسُلُ وأتباعُهم كانت تَعرِض لهم العوارضُ الطبيعيَّةُ، وهم أكملُ الخلقِ حُبّاً للَّه، وتعظيماً للَّه، وعبوديةً للَّه.