للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في الحديث الصحيح (١)، وهذا حقٌّ ولكن ليس كما يظن هذا الجاهل أن صلاته الجمعة تكفيه عن أداء بقية الصلوات، وتوجب له مغفرة ما يقترفه من كبائر الذنوب.

فأحاديث الوعد بمغفرة الذنوب المرتَّبِ على الأعمال الصالحة هي محمولةٌ عند أهل العلم على مغفرة الصغائر دون الكبائر، كما جاء النص بذلك في قوله : «الصَّلَوَاتُ الخَمسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَينَهُنَّ مَا اجتُنِبَتِ الكَبَائِرُ» (٢)، وفي الحديث الآخر: «مَا مِنِ امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلَاةٌ مَكتُوبَةٌ، فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشُوعَهَا، وَرَكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، مَا لَم يُؤت كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ» (٣).

فالذي يظن أنَّ محافظتَه على الصلوات، أو إتيانَه بالعمرة يُكَفِّر عنه ما يقترفه من كبائر الذنوب؛ من الزِّنا، وشرب الخمر، وأكل الربا، وعقوق الوالدين، وما أشبه ذلك = لا شك أنَّه مغرورٌ مَخدوعٌ، وهذا من الجهل والاغترار بمغفرة اللَّه، ومن سوء الفهم لكلام اللَّه وكلام رسوله .

ثم بعد هذا انتقل المؤلِّف للكلام على هذه الأحاديث، فقَسَّمَها إلى نوعين:


(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (٨٥٧) من حديث أبي هريرة مرفوعاً، ولفظه: «مَنْ اغتَسَلَ ثُمَّ أتى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ له ثم أَنصَتَ حتَّى يَفْرغَ من خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَه مَا بَينَهُ وبَينَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى وَفَضْلِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».
(٢) أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (٥٧٤) من حديث أبي هريرة .
(٣) أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (٥٦٥) من حديث عثمان بن عفَّان .

<<  <   >  >>