النوع الأول: ما فيه الوعد بدخول الجنة، وأنَّ مَنْ أتى بشهادة التوحيد بصدقٍ وإخلاصٍ ويقينٍ دَخَلَ الجنَّة أو لم يُحجَب عن الجنَّة، وهذا النوع من الأحاديث لا إشكال فيه؛ لأنه ليس فيه نفي أنه يعذب على قدر ذنوبه، أو أنه يُعَذَّبُ ما شاء اللَّه له أن يُعَذَّب ثم يُخرَجُ من النار، إنما فيها الإخبار بدخول الجنة فحسب.
والموحِّدُون وإن عُذِّبُوا فمصيرهم ومآلهم ونهايتهم إلى الجنَّة، فهذه الأحاديث لا إشكال فيها، ولا متمسك فيها للمرجئة.
لكن الأحاديث التي فيها الإشكال، والشبهة فيها أظهر، هي أحاديث النوع الثاني وهي الأحاديث التي فيها التصريح بنفي العذاب؛ كحديث:«وَحَقُّ العِبَادِ على اللَّهِ ألَّا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشرِكُ بِهِ شَيئاً»، أو فيها ذكر التحريم على النار؛ كحديث:«إنَّ اللَّه حَرَّمَ على النَّارِ مَنْ قال: لا إله إلا اللَّه، يبتغي بها وجه اللَّه».
ثم أورد المؤلِّف ﵀ مذاهب أهل السُّنَّة -القائلين بأنَّ أهلَ الكبائر مستحقون للوعيد- في الجواب عن هذه الأحاديث، فذكر أنَّ منهم:
- مَنْ حمل هذه الأحاديث المتضمنة لنفي العذاب أو التحريم على النار على أن المراد بذلك نفي الخلود فيها، فقالوا في قوله ﷺ:«إنَّ اللَّه حَرَّمَ على النَّارِ مَنْ قال: لا إله إلا اللَّه، يبتغي بها وجه اللَّه»؛ يعني: حَرَّمَ عليه الخلود فيها.
- ومنهم مَنْ قال بأن النار المحرَّم دخولها في هذه الأحاديث هي نار الكافرين لا نار العصاة من الموحِّدِين.