للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قال ابنُ رجبٍ رحمه الله]

مَا لِلعَارِفِينَ شُغلٌ بِغَيرِ مَولاهُم، وَلا هَمٌّ في غَيرِهِ.

في الحَدِيثِ: «مَن أَصبَحَ وَهَمُّهُ غَيرُ اللهِ فَلَيسَ مِن اللهِ» (١).

قَالَ بَعضُهُم: مَن أَخبَرَكَ أَنَّ وَلِيَّهُ لَهُ هَمٌّ في غَيرِهِ فَلا تُصَدِّقهُ.

وَكَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ يَقُولُ في اللَّيلِ: هَمُّكَ عَطَّلَ عَلِيَّ الهُمُومَ، وَحَالَ بَينِي وَبَينَ السُّهَادِ، وَشَوقِي إِلَى النَّظَرِ إِلَيكَ أَوبَقَ مِنِّي اللَّذَّاتِ، وَحَالَ بَينِي وَبَينَ الشَّهَوَاتِ، فَأَنَا في سِجنِكَ أَيُّهَا الكَرِيمُ مَطلُوبٌ (٢).

مَا لِي شُغلٌ سِوَاهُ مَا لي شُغلُ ... مَا يَصرِفُ عَن هَوَاهُ قَلبِي عَذَلُ

مَا أَصنَعُ إِن جَفَا وَخَابَ الأَمَلُ ... مِنِّي بَدَلٌ وَمِنهُ مَا لي بَدَلُ

[الشرحُ]

وكذلك هذا الكلام - إن صحَّ - فهو كلام أحدُ الصوفية الجهَّال، الذين عندهم محبةٌ وشوقٌ، ولكن على غير علمٍ وبصيرةٍ.

فحبُّ الأنبياء والمرسلين لربهم عزَّ وجَلَّ لم يُعَطِّل عليهم كلَّ شيءٍ، أليسوا


(١) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٤/ ٣٢٠) وسكت عنه، وابن بشران في «الأمالي» (رقم ١٠٣٤)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً، وإسناده واهٍ.
وللحديث شواهد من حديث أنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وأبي ذر رضي الله عنها، وكلُّها ضعيفة لا تصح.
فالمقصود أن الحديث لا يثبت مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وجهٍ صحيحٍ، وقد رواه الإمام أحمد في «الزهد» (رقم ١٧٦) بإسنادٍ جيِّدٍ عن أبي بن كعب موقوفاً عليه، والله أعلم.
(٢) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٣٥٦ - ٣٥٧).

<<  <   >  >>