للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذا الحديث ذكر النبيُّ الأصولَ الثلاثة؛ وهي: الشهادتان والصلاة والزكاة، وجعل عصمة الدَّم والمال موقوفٌ على تحقيق هذه الأصول الثلاثة.

فهذا الحديث وما في معناه مطابقٌ تمام المطابقة للآيتين الكريمتين: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، و ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١].

فأفادت الآيات والأحاديث أنه لا يُكَفُّ عن قتال المشركين إلا بالتوبة من الشرك، ولا يكون ذلك إلا بالإتيان بالشهادتين، مع الالتزام بهاتين الشعيرتين العظيمتين (الصلاة والزكاة)، وبَقِيَّةُ الشعائر مثلُهما في وجوب الالتزام، ولكن جرى الاقتصار عليهما في هذه النصوص؛ لأنهما أعظم أركان الإسلام، ومَن التزم بهما فما بعدهما تَابِعٌ لهما.

ويُوَضِّحُ هذا المقام: ما جرى لأبي بكر الصديق مع عمر ومَن وَافَقَه في شأن مانعي الزكاة، حيث عزم أبو بكر على قتالهم واعترض عليه عمر، وقال له: كيف تقاتل مَنْ قال: «لا إله إلا اللَّه»، وقد قال رسول اللَّه : «أُمِرتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُم وَأَموَالَهُم إِلَّا بِحَقِّهَا»؟، فقال له أبو بكر قولتَه المشهورة: «وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَينَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَو مَنَعُونِي عِقَالاً -أو عَنَاقاً- كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ لَقَاتَلتُهُم عَلَى مَنعِهِ»، قَالَ عُمَرُ : «فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيتُ اللَّهَ ﷿ قَدْ شَرَحَ صَدرَ

<<  <   >  >>