للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويَشهَدُ لذَلِكَ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ عن النبِيِّ : «تَعِسَ عَبدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبدُ القَطِيفَةِ، تَعِسَ عَبدُ الخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلا انتَقَشَ» (١).

فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحَبَّ شَيئاً وَأَطَاعَهُ، وَكَانَ غَايَةَ قَصدِهِ وَمَطلُوبِهِ، وَوَالَى لأَجلِهِ، وَعَادَى لأَجلِهِ، فَهُوَ عَبدُهُ، وَذَلِكَ الشَّيءُ مَعبُودُهُ وَإِلَهُهُ.

مما يوضح ما تقدَّم من أنَّ مطلق التوحيد، أو مطلق التكَلُّمِ ب «لا إله إلا اللَّه» لا يكفي في النجاة من النار، وأن قائلي هذه الكلمة العظيمة متفاوتون؛ هو أنَّ هذه الكلمة - «لا إله إلا اللَّه» - مركبةٌ من نفيٍ وإثباتٍ، كما هو معروف، نَفْيُ إلهيَّةِ ما سوى اللَّه، وإثباتُ الإلهيَّةِ له سبحانه، فمضمونها الإيمان بأنَّ اللَّه تعالى هو الإله الحقُّ الذي لا يستحق العبادة سواه.

و «الإله» بمعنى المَألُوه؛ يعني: المعبود، فاللَّه تعالى هو المعبودُ بحقٍّ (٢)، وهو المستحق للعبادة وحده دون مَنْ سواه، فمعنى هذه الكلمة - «لا إله إلا اللَّه» - أنَّ قَائِلَها لا يَأْلَهُ إلا اللَّه؛ يعني: لا يَعْبُدُ إلا اللَّه.


(١) أخرجه البخاريُّ من حديث أبي هريرة رقم (٢٧٣٠).
(٢) قال العلامة المعلمي في كتابه «رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله» (ص ١٨٧): «اعلم أنني تتبعتُ عبارات أهل العلم في تفسير لفظ «إله» فوجدتُهم كالمجمِعِين
على أنَّ معناه: معبودٌ بحقٍّ، وقال بعضُهم: معبودٌ». وانظر أيضاً: «تيسير العزيز الحميد» (ص ٥٥ - ٥٦).

<<  <   >  >>