الدِّين، غير متمَكِّنٍ منه، فهو يعبد اللَّه ما استقامت دنياه، فإن أصابتهُ فتنةٌ أو مصيبةٌ أو فقرٌ أو حاجةٌ انقلب على وجهه.
فمن يعبد اللَّه ليعطيه سعادة الدنيا ولا يريد الآخرة، فهذا هو الذي ذَمَّه اللَّه بقوله: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا﴾ فهو يريد المال والولد والجاه والشرف وأنواع المتاع، ﴿وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاق (٢٠٠) وِمِنْهُم مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار (٢٠١)﴾ [البقرة]، وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [النساء: ١٣٤].
فلم يَذُمَّ اللَّه الذين يريدون الآخرة إنما ذَمَّ الَّذِين يريدون الدنيا ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ [الأنفال: ٦٧].
وقال ﷾: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (١٩)﴾ [الإسراء]، فإرادة ثواب الآخرة وإرادة الجنة هذه لا إثم فيها، ولا نقص فيها، ولا عيب على من يعبد اللَّه محبةً له وخوفاً منه ورجاءً في ثوابه هذا، وإلا فلماذا ذكر اللَّه تعالى لعباده الجنة والنار، وسائر أمر الآخرة؟ ما ذكر ذلك سبحانه إلا ترغيباً وترهيباً، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُون (١٦) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ [الزمر: ١٦، ١٧].