للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أضواء البيان» (١)، واستشهد له بأن «الورود» في سائر مواضعه يراد به: الدخول، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُون (٩٨)[الأنبياء]؛ يعني: داخلون، فسمَّى الدخولَ وُرُوداً، وقوله تعالى: ﴿فَأَوْرَدَهُمُ﴾؛ يعني: أدخلهم، ﴿النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُود (٩٨)[هود].

وعلى أي حال؛ فأهل التوحيد الخالص وعبادُ اللَّه المخلَصون لا يعذَّبون، ولا يمسهم شيء من العذاب، بل هم يَنجُون كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)[مريم].

ثم ذكر المؤلف قوله تعالى: ﴿يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة (٢٨)﴾ وكأن سياق كلامه يقتضي أنَّ هذا يقال يوم القيامة، ولا مانع أن يقال للنفس عند الاحتضار: ﴿يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة (٢٨)﴾؛ فهي ترجع إلى ربها بالموت، وترجع إلى ربها كذلك يوم القيامة (٢)، وتدخل في عباد اللَّه وفي كرامة اللَّه، ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)﴾، ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون (٣٢)[النحل].

فالنفس المطمئنة ونفوس عباد اللَّه الطيبين تؤول إلى الجنة وتدخلها بعد الموت، ولكن الدخول المستقِرّ على وجه التمام والكمال إنما يكون يوم القيامة، عندما تُرَدُّ الأرواحُ إلى الأبدان، ويُبعَثُ النَّاسُ من قبورهم،


(١) (٤/ ٤٣٥ وما بعدها).
(٢) وبالقولين قال أهل التفسير.
ينظر: «تفسير الطبري» (٢٤/ ٣٩٠ وما بعدها)، و «تفسير ابن كثير» (٨/ ٤٠٠).

<<  <   >  >>