للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَأَنَّ رَقِيباً مِنْكَ يَرعَى خَوَاطِرِي … وَآخَرُ يَرعَى نَاظِرِي وَلِسَانِي

فَمَا أَبصَرَت عَينَايَ بَعدَكَ مَنظَراً … لِغَيرِكَ إِلَّا قُلتُ قَدْ رَمَقَانِي

وَلا بَدَرَت مِنْ فِيّ بَعدَكَ لَفظَةٌ … لِغَيرِكَ إِلَّا قُلتُ قَدْ سَمِعَانِي

وَلا خَطَرَت مِنْ ذِكرِ غَيرِكَ خَطرَةٌ … عَلَى القَلبِ إِلَّا عَرَّجَا بِعَنَاني (١)

هذه الجمل المتقدِّمة فيها تأكيدٌ لما سبق؛ من أنَّ مما يُعِينُ على الكفِّ عن الحُرُمات؛ ويُعِينُ على غضِّ البصر، وحفظِ الفرج، وحفظِ الجوارح عن معاصي اللَّه = هو استحضار اطلاع اللَّه على عبده وسماعه وبصره وعلمه، فاستحضار العبد لمعاني هذه الأسماء هو أعظم سببٍ يَكُفُّه عن المحرَّمات، ويجعله يحجم ويمتنع، ويتذكر أن اللَّه يراه، وأنه يسمعه، وأنه يعلم سره وعلانيته، فيستحيي من ربه.


(١) عزاه المصنِّف في آخر رسالته «كشف الكربة في وصف أهل الغربة» إلى البُحْتُري، فقال: «ولأبي عُبَادة البُحْتُري في هذا المعنى أبياتٌ حسنةٌ أساء بقولها في مخلوقٍ، وقد أصلحتُ منها أبياتاً حتى استقامت على الطريقة»، ثم ذكر الأبيات المذكورة هنا وزاد عليها.
وقد أسندها عن البحتريِّ: القاضي التنوخيُّ في «نشوار المحاضرة» (٦/ ١٤٥).

<<  <   >  >>